المخطط الأمريكي لن يستنثي أحد والمنطقة أمام متغيرات جيوسياسية عميقة : إستراتيجياً .. العقلية الحاكمة في الرياض تقود المملكة للإنهيار الشامل
متابعات/ عبدالله بن عامر
تُصر المملكة السعودية على التورط أكثر في اليمن رغم إمكانية إنسحابها قبل أن تتفاقم أزمتها وتبرز تداعيات تدخلها العسكري السافر على المشهد العام وتحديداً السياسي والإقتصادي فيها .
فبعد 11شهراً من إستخدام القوة المفرطة وإرتكاب المئات من المجازر وتدمير البنية التحتية وصرف المليارات على المرتزقة وعلى صفقات الأسلحة وشراء ذمم المنظمات والمؤسسات الإعلامية والمواقف الدولية تبدو المملكة كمن يمضي مهرولاً نحو الهاوية دون أية إعتبارات لنتائج الأشهر السابقة حتى تتمكن من إستشراف مستقبلها على ضوء المعركة في اليمن التي تبدو اصعب مما توقعتها دوائر صناعة القرار في الرياض وأصعب بكثير مما حاول المرتزقة إيهام بن سلمان بظروف ونتائج التدخل العسكري .
كل ذلك يؤكد أن العقلية الحاكمة في الرياض وهي تمضي مكابرةً في تدمير اليمن والإندفاع أكثر نحو البحث عن إنتصار عسكري يبدو مستحيلاً في هذا التوقيت وفي مثل هذه الظروف تجعل الكثيرين أمام مشهد دراماتيكي قد يقود في الأمد المنظور إلى إحداث تصدعات عميقة في الجسد الحاكم ما ينعكس على مستقبل الأسرة وبالتالي مستقبل الكيان بأكمله الذي يتجه نحو التفكك من الداخل بفعل السياسيات العامة وبروز الحركة الإحتجاجية وتنامي التطرف بفعل الخطاب اللامسؤول وقبل كل ذلك بفعل غياب الرؤية الناتج أصلاً عن هشاشة المشروع القائم على الإستمرار في الحكم بأي وسيلة كانت وعلى شراء الذمم وفق سياسات الترغيب والترهيب ومعاكسة مسارات الاحداث والدور السلبي المستمر في أغلب البلدان ما جعل حتى الحلفاء للمملكة يفكرون ملياً في بدائل متعددة للنظام الحاكم كضرورة حتمية سيصل إليها الجميع وخيراً لأمريكا أن تتخلى عن الرياض بعد إستنزاف إمكانياتها سيما المالية في صفقات الأسلحة وأن تعمل على إيجاد البديل الذي قد يكون أكثر توافقاً مع الثقافة الغربية أفضل من أن تنتظر نتائج وتداعيات حماقة آل سعود فدوائر صنع القرار في واشنطن تضع كل الإحتمالات المتعلقة بالمملكة على طاولة النقاش بل وقد أتجهت نحو خيارات ضمانة إستمرار السيطرة على منابع النفط بعد أن تكون مهمة آل سعود قد أنتهت وفق الأجندة الأمريكية المرسومة.
قد يبدو الحديث اليوم عن مثل هذه الأمر ضرباً من ضروب المستحيل لكن من يجيد قراءة الواقع ومآلاته سيدرك جيداً أن المملكة تمضي بفعل إنقيادها الأعمى خلف الإملاءات الأمريكية نحو الإنهيار الشامل ما يقتضي في نهاية الأمر تحقيق المخطط الأمريكي بأكمله وهو ما يعني تقسيم المنطقة بما فيها المملكة نفسها .
غير أن أطماع بعض القوى وإرتهانها للخارج وطغيان فجورها بالخصومة مع الأطراف الأخرى يجعلها تتنكر لمثل هكذا نظريات تستند في واقع الأمر على مؤشرات حقيقية بدت واضحة في سوريه ومن ثم ليبيا والآن في اليمن وقبل كل ذلك في العراق لتصل إلى الجميع في نهاية الأمر وهو ما ستكشف عنه السنوات القادمة .
ولهذا ولو كانت الأحداث تؤكد إستحالة حدوث تغيير في عقلية الحاكم السعودي كونه مجرد أداة بيد واشنطن إلا أن الحديث وكشف المخطط الذي يُراد لكل الشعوب العربية والإسلامية قد يقود لإفشال المؤامرة سيما مع وجود قوى تقاوم محاولات إخضاع الأمة عبر تقسيم المقسم وتفكيك المفكك بإجراءات صلبة كالمواجهة العسكرية وقبل كل ذلك تنمية الوعي السياسي وتعزيز ثقافة التعاون والتلاحم ونبذ محاولات إثارة النزعات الطائفية والعرقية والمناطقية والمذهبية.
قد لا يستوعب البعض كل ما يقال عن المخطط الخارجي إلا أنه لا يمكن لأحد إنكار أن الجميع أمام متغيرات جيوسياسية عميقة في المنطقة قد تلبي إذا ما أنخرطنا بعمد أو بدون عمد فيما يراد للمنطقة رغبات الأعداء وتحقيق أطماعهم بكل سهولة ويسر وهو للأسف ما يجعلنا نعترف أن الكثير قد أنقاد إلى مثل تلك المشاريع في أكثر من بلد .
أما في حالة التمسك بخيار المواجهة وإتساعه وإنتشاره فالمتغيرات الجيوسياسية لن تكون إلا وفق تطلعات الأمة ووفق مصالح الشعوب وهو ما يعني سقوط المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة بدلاً من إنتظار ما قد تقرره القوى العالمية لبلداننا وشعوبنا ضمن خيار ثالث يقوم على سايكس بيكو جديدة تعيد توزيع الكعكعة بين الأقوياء وهو ما يعني فشل واشنطن في المضي قدماً في مخططها غير أن إبقاء المنطقة تحت دائرة الأطماع الخارجية يجعل من خيار المواجهة ايضاً ضرورة حتمية لتحقيق السيادة والإستقلال وكل ذلك يعزز من ضرورات مواجهة مشروع القطب الواحد أولاً ومشاريع الأقطاب المتعددة حيث لا مصلحة تعلو فوق مصلحة الأقوياء لكن هل تستوعب الشعوب كل ما يحدث وتدرك طبيعة المؤامرة وحجم المخطط ؟