الـيَـمَـن ومطامع الاستعماريين.. لو كان الاستعمار جميلاً ما قامت ثورة 14 أكتوبر، وما طردت آخر جندي بريطاني في 30 نوفمبر
* لدينا ما يكفي من الثروة البشرية الموروث الحضاري لنعيد الـيَـمَـن خضراءَ سعيدة، ونحن أحفاد من بنوا سدَّ مَأرب وعمروا مدينة صنعاء وشقوا صهاريج عدن، وبنينا كُلّ هذا المجد حين كُنا دولاً مُستقلة موحّدة حميرية وسبئية، لا حين كُنا مسُتعمرين من الفرس والأحباش.
* قديماً كانت الدول الاستعمارية متصارعة، استعمار اليوم تقوم به الشركات الاحتكارية متعددة الجنسيات، وحين يتطلب التدخل العسكري لتأمين عملية نهب ثروات الشعوب، تدخل هذه الدول الحرب متحدةً، فاتحادُها العسكري انعكاسٌ لاتحادها الاقتصادي، والدول التي غَزت العراق وتنهب اليوم نفط ليبيا، هي من تشن العُـدْوَان على الـيَـمَـن
* لو لم تكن الـيَـمَـن مهمةً بموقعها الجغرافي وثرواتها، لما استُعمرت من قبل الأحباش والفرس والعثمانيين والبريطانيين. والعُـدْوَان الذي جاء بالبارجة الأَمريكية والفرنسية والبريطانية والإسْرائيْلية ومرتزقة البلاك ووتر والسنغال والجنجويد ومرتزقة استراليا وبريطانيا لم يأتِ لسواد عيون الـيَـمَـنيين ولم يخسر كُلّ هذه المليارات لتحريرنا، بل لاستعبادانا.
* لماذا توجد البطالة والجوع؟، لماذا يُوجد فقراء في الريف، ومُعدمون في المُدن؟؛ لأن المُستعمر لا يريد لك الاكتفاء الذاتي، يمنعك من زراعة أرضك ومن بناء المصانع والتنقيب عن الآثار والثروات وبناء المسارح والجامعات، لتظل تستهلك سِلَعَه المادية والثقافية، وعلى الدوام محتاجاً إليه ومُرتبطاً بمصيره
* تتعدد وسائل الاستعمار عبر الحرب أَوْ صناديق الإقراض أَوْ مِنَحِ السفارات، لكن غايتُهُ الاقتصادية واحدة الربح الرأسمالي، عبر إفقار الشعوب وتدمير اقتصاداتهم، ونهب ثرواتهم
* لو كانت التبعية للسعودية والسفارة الأَمريكية شيئاً جيداً، وكانت التبعية تعني الحرية والرخاء الاقتصادي والأمن والعدالة، لما اندلعت ثورة 11 فبراير وثورة الـ21 من سبتمبر
متابعات../
حينَ نتحدَّثُ عَن وُجُود استعماري يُهدد هذا البلد، يقفُ خلف هذا العُـدْوَان، وعَن وجود قوات احتلال تسيطر على أجزاء من هذا البلد، فلا يكونُ الحديثُ هُنا مِن باب المُزايدة السياسية، وكأنَ المناهضين للعُـدْوَان فرحون بوجود الاستعمار ويستغلون القضية؛ لكي ينالوا من خصومهم السياسيين والمقاتلين مع العُـدْوَان. الحديث عَن الاستعمار ليس من باب الدعاية الانْتخَابية؛ لأن الاستعمار إن أطبَقَ فضررُهُ سيَعُمُّ الجميعَ بمختلف تياراتهم السياسية ومناطقهم وقناعاتهم الفكرية ومهما كانت مواقفهم منه سواءٌ مؤيدون أَوْ رافضون، فهوَ يستهدفُ البلد، ويستعبد كُلّ الشعب؛ ولا أحد حر في بلد مُستعمر وتابع، مهما يكن هذا الطرف الخارجي أَمريكياً أَوْ سعودياً أَوْ روسياً أَوْ إيرانياً أَوْ بريطانياً أَوْ إسْرائيْلياً، كُلّ وجود استعماري يهدد البلد مسئولية كُلّ الشعب مقاومته، وتحرير الإنْسَــان قبل الأرض منه وتحرير الحاضر والمُستقبل من قبضته.
الاستعمارُ ليس وهماً
الاستعمارُ لَم يكن فترة عابرة في التأريخ انتهت بثورات التحرر الوطني من القرن المُنصرم، الإمبراطوريات التي استعمرت العالم قديماً، البريطانية والفرنسية والإيطالية الهولندية، حين قُهرت وطُردت لم تتوقف عن سياستها الاستعمارية، فهدفُ الاستعمار دوماً هو المصالح الاقتصادية واستعباد الشعوب وهذه الدول الرأسمالية، مضافاً إليها أَمريكا وإسْرائيْل في هذا العصر، ترى أن من حقها أن تستعمرَ الدول النامية والمُتخلفة والمُستضعفة وتتدخّل في شئونها سياسياً وعسكرياً؛ لأنها تمتلكُ السلاحَ الأقوى والمصانع الأكبر والمال الأَكْثَـر، ما زال جشع الربح الرأسمالي يُسيطر على سياسةِ هذه الدول التي تريد امتصاصَ ثروات الشعوب واستعبادها، وبلادنا من ضمن تلك الدول الغنية بثرواتها والمهمة بموقعها، ما تسيل له لُعابُ الاستعماريين.
جوهر الاستعمار الجديد
الشركات الاحتكارية متعددة الجنسيات
قديماً كان الاستعمارُ يتم عبر الهيمنة العسكرية المُباشرة ووجود مندوب من الدولة الاستعمارية يحكم الدول المُستَعمَرة، الاستعمار اليوم غيّر شكله، ولم يغيّر مضمون توحشه وجشعه، أَصْبَح الاستعمارُ اليوم يأتي عبرَ منظمات دعم الديمقراطية، عبر القروض البنكية، عبر دكاكين حقوق الإنْسَــان، وعبر مجلس الأمن الذي يُشرّع التدخل العسكري لتدمير هذه الدول. تعددت أشكال ووسائل الاستعمار ولكن غايتهُ واحدة، غايته الربح الاقتصادي الرأسمالي، يأتي هذا الربح بالسيطرة على قرارك السياسي، فيمنعك أن تزرع وأن تصنع ويجعل من بلادك سوقاً مفتوحاً تستهلك سِلَعَه ومنتجاته، عبر نهب ثرواتك الطبيعية، هذا هو جوهرُ الاستعمار الجديد، قديماً كانت الدول الاستعمارية متصارعة، استعمار اليوم تقوم به الشركات الاحتكارية متعددة الجنسيات، وحين يتطلب التدخل العسكري لتأمين عملية نهب ثروات الشعوب، تدخل هذه الدول الحرب متحدة فاتحادها العسكري انعكاس لاتحادها الاقتصادي، والدول التي غزت العراق وتنهب اليوم نفط ليبيا هي من تشن العُـدْوَان على الـيَـمَـن.
هذه الشركات الاحتكارية تنقّب عن النفط والمعادن وتنهبه في كُلّ دول العالم، إما عبر إخضاع الدول وتهديدها بإيقاف القروض عنها، القروض التي تتضاعَفُ ربوياً، وجعل هذا النهب مصرحاً له بالقانون، أَوْ عبر فرض هذا النهب بالقوة العسكرية. وهناك الاحتكاراتُ التي تنهب الثروة السمكية، وتجرِفُ والحياة البحرية وتعلّب الأسماك في مصانعها المتنقلة في البحر لتبيعها لهذه الشعوب المُضطَهَده، ومياهنا الإقْليْمية الـيَـمَـنية مُستعمرة منذ سنين، وما جاءت قصةُ القرصنة البحرية وقتل الصيادين واختطافهم إلا لأبعادهم عن المياه، وإتاحتها لهذه الاحتكارات التي تنهبُها يومياً، وتنهب ثرواتنا اليوم بحماية الأساطيل البحرية لدول العُـدْوَان الأَمريكية والإسْرائيْلية والفرنسية والبريطانية وغيرها.
الـيَـمَـن ومطامع الغُزاة عبر التأريخ
كانت الـيَـمَـنُ عبرَ التأريخ هدفاً للإمبراطوريات الاستعمارية لموقعِها الاستراتيجي المطلِّ على طُرُق التجارة، ولثرواتها الجوفية، فاستعمرها الأحباشُ والفُرس والعثمانيون والهولنديون والبريطانيون، كُلُّ هذه الامبراطوريات لم تكن تتنزّه في الـيَـمَـن، بل عرفت قيمتها فاستعمرتها واحتلت أجزاءً منها، وما زال الـيَـمَـن حتى اليوم بموقعها الهام محط أطماع للاستعماريين. هذا العُـدْوَانُ الذي جاء بالبارجة الأَمريكية والفرنسية والبريطانية والإسْرائيْلية وحاملات الطائرات ومرتزقة البلاك ووتر ومرتزقة السنغال والجنجويد ومرتزقة من استراليا وبريطانيا لم يأتِ لسواد عيون الـيَـمَـنيين ليوفر لهم الحرية والديمقراطية وكل العناوين الكاذبة التي يدّعونها، لم ينفقوا كُلّ هذه المليارات في هذا العُـدْوَان لوجهِ الإنْسَــانية ولا من باب الصداقة بين الشعوب، وجرائمهم في فلسطين والعراق وأفغانستان وفيتنام وليبيا وسوريا معروفة، لم يأتوا بهذا الثقَل العسكري إلا لكي يستعمرونا، ينهبوا ثرواتنا، يستعبدونا، والمُغفل مَن يُحاول أن يتجاهل كُلّ هذا أَوْ لم يفهم لماذا كُلُّ هذا التكالب على الـيَـمَـن، هل جاء فرحاً بهادي أم بأرض طيبة مساحتها خمسة آلاف وخمسة وخمسين كيلو متراً مربعاً، ولها سواحِلُ تمتدُّ بطول ألفين وخمس مئة كيلو متر بحري.
ماذا خلف العُـدْوَان الأَمريكي السعوي؟
هذا العُـدْوَانُ السعودي الأَمريكي لا يُريد إلا إعادتنا لحظيرتهم الاستعمارية، لس الحل هوَ أن ندفنَ رؤوسَنا بالرمل ونسلم بهذه الهيمنة ونتعايش مع الهيمنة الأَمريكية السعودية البريطانية، فقد عشنا طويلاً تحت هيمنتهم وكان حالنا سيئاً على كافة الأصعدة، وجدنا الجوعَ والفقرَ؛ لأن احتكاراتهم تنهب ثرواتنا؛ لأن قراراتهم تفرِضُ علينا أن لا نبنيَ مصنعاً، أن لا نصلح أرضاً لنزرع؛ لكي نظلَّ نشتري سلعهم ونتسول صدقاتهم التي لا تساوي 1% من خيراتنا التي ينهبونها، وعرفنا الفكر الإرهابي والتفجير، وعرفنا تسلُّط الشيوخ النافذين التابعين لها، وعرفنا السلطات الاستبدادية التي يرعونها التي تحارب الشعب كُلّ الشعب وتنجح بالانْتخَابات؛ لأن أَمريكا تريد ذلك، هذا ماضينا مع الاستعمار القادم من السفارات الأَمريكية البريطانية السعودي، ولهذا جاءت انتفاضة 2011 وثورة 21 من سبتمبر جاءت لتسقط هذا الواقع الاستعماري هذه الثورات توجّهت نحو وكلاء الاستعمار نحو صالح ومحسن والزنداني، وهذهِ المرة جاء الاستعماريون بأنفسهم لكي يُعيدونا إلَى الذلة والعبودية، ونحن أولو بأسٍ شديد.
جنوب الوطن وبريطانيا
كانت الـيَـمَـنُ تحتَ الاستعمار البريطاني فماذا كان الحال؟، كان الجنوبُ مقسماً لسبعٍ وعشرين سلطنة وإمارة ومشيخة، كُلّ إمارة وسلطنة ومشيخة تستلم فُتاتَ المال والسلاح، وتحارب بعضها البعض، حسب قانون الاستعمار (فرّق تسُد)، عاشوا في الجوع لا صناعة ولا زراعة ولا عدالة اجتماعية ولا حرية ولا ديمقراطية ولا حقوق إنْسَــان، وصور إرشيفهم الاستعماري وهم يستعبدون الـيَـمَـنيين في الشطر الجنوبي ما زال موجوداً، لو كان الاستعمار جميلاً ما قامت ثورة 14 أكتوبر، وطردت آخر جندي بريطاني في 30 نوفمبر.
الوطن أَوْ الموت
لم يعُد أمام الـيَـمَـنيين إلا خوضُ معركة التحرر الوطني هذهِ حتى الانتصار، لا المُعتدي سيرفق بنا إذا استسلمنا، ولا الرخاء والحرية ستأتي إذا استعمرنا، ليس أمامنا إلا تحرير أرضنا عسكرياً، وتحرير ثرواتنا من النهب، وتحرير سياستنا الاقتصادية من هيمنَة صناديق الإقراض والبنك الدولي أرباب شركات الاحتكارات، لا تملكُ الـيَـمَـنُ كُلَّ هذه الثروات الجوفية وفقط، بل وتملك الإنْسَــان، تملك الثروة البشرية التي بمقدورها إعادة الجنتين، لدينا ما يكفي من الموروث الحضاري والإنْسَــاني لنكونَ أحراراً على هذه الأرض ونُعيدُها سعيدةً، فلسنا شعوباً طارئةً ولا شعوباً مستوردةً ولا شعوباً مهاجرين، جذورُنا ضاربة في التأريخ ونحن أبناء من بنوا السدّ وعمروا مدينة صنعاء وشقوا صهاريج عدن، وبنينا كُلّ هذا المجد حين كُنا دولاً مُستقلة حميرية وسبئية، لا حين كُنا مسُتعمرين من الفرس والأحباش.
* صدى المسيرة- أنس القاضي