صحيفة: السعودية تبدأ إجراءات التقشف.. حروب اليمن وسورية أحد الأسباب الكبرى
لندن-إفتتاحية رأي اليوم:
الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي ورئيس اللجنة الإقتصادية العليا في بلاده، أكد إن حكومة السعودية قد تخفض دعم الطاقة والمياه للأغنياء من المواطنين، وتفرض ضريبة القيمة المضافة على المنتوجات المضرة، مثل السجائر والمشروبات السكرية، وهذا يعني بدء عملية التقشف، وتآكل الدول الريعية ليس في المملكة العربية السعودية فقط، بل في معظم دول الخليج.
تأتي هذه الخطوات غير المسبوقة بسبب تراجع أسعار النفط إلى ما دون الخمسين دولارا للبرميل، وتحول الفائض في ميزانيات دول الخليج الذي أستمر طوال السنوات العشر الماضية إلى عجوزات تقدر بحوالي 180 مليار دولار سنويا، مرشحة للإرتفاع قي ظل توقعات بتراجعات أكبر في أسعار النفط في السنوات الخمس المقبلة.
الدول الخليجية تخسر حوالي 275 مليار دولار سنويا بسبب إنخفاض أسعار النفط بأكثر من خمسين في المئة، ومن المفارقة أن هذا الإنخفاض جاء بقرار سعودي أتخذ قبل عام ونصف العام تقريبا، تحت ذريعة الحفاظ على حصة منظمة “اوبك” في الأسواق العالمية (32 مليون برميل حاليا)، وإفلاس شركات إنتاج النفط الصخري، ولكن الحقيقة إن القرار كان سياسيا بالدرجة الأولى، وبهدف الضغط على إقتصاديات روسيا وإيران بسبب دعمها للنظام السوري.
رفع الدعم عن المياه والوقود سيؤدي إلى إلحاق الضرر بالمواطنين، وزيادة أعبائهم المعيشية، وإفلاس بعض الشركات، الأمر الذي قد يؤدي إلى إرتفاع معدلات البطالة، خاصة إنها تصل إلى حوالي 40 بالمئة في أوساط الشباب السعودي خاصة.
صندوق النقد الدولي قدم تقريرا متشائما حول الإقتصاديات الخليجية، أعتبر فيه إن خطوات التقشف هذه تظل غير كافية، وطالب بتنويع مصادر الدخل في إطار إستراتيجية جديدة لتخفيف الإعتماد على عوائد النفط.
رفع الدعم عن المحروقات والمياه والكهرباء والخدمات الأساسية الأخرى، ستكون له إنعكاسات سلبية على المواطنين حتما، خاصة إن هؤلاء، والشباب منهم، محرومون من الكثير من الحقوق السياسية في معظم دول الخليج، حيث لا دور لهم في دائرة صنع القرار لغياب البرلمانات المنتخبة بشفافية ونزاهة.
واذا ألقينا نظرة على الأوضاع السياسية في المنطقة نجد أنها ملتهبة، حيث تتورط دول خليجية مثل السعودية والإمارات وقطر في حرب إستنزاف بشري ومادي في حرب اليمن، وحرب أخرى في سورية، ومن المتوقع أن يزداد حجم وتكاليف هذا الإستنزاف، إذا ما أنفجر التوتر الروسي التركي الحالي إلى مواجهات عسكرية، او حصارات إقتصادية.
معظم الدول الخليجية حاولت إبعاد شبح تحولات الربيع العربي من خلال “رشوة” المواطن ماليا عن طريق مكافآت ورفع الإجور، لكن الإستمرار في هذه السياسة، وفي ظل العجوزات المالية، وسياسات التقشف الزاحفة، سيبطل هذه الإستراتيجية جزئيا أو كليا.
“راي اليوم”