كل ما يجري من حولك

الأمم المتحدة تقرّ بـ«الإرهاب» في عدن وتتواطأ مع الرياض لتأجيل المحادثات

466

 

نزار عبود *

أقر المبعوثُ الأمميُّ الخاصُّ إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، بأن حكومة عبدربه منصور هادي لا تسيطرُ على عدن إنما تتشاطر المدينة مع تنظيمات ومجموعات مسلحة توصف بأنها «إرهابية» مثل «القاعدة» و«داعش”.

 ولم يشر، في الإحاطة التي قدمها إلى مجلس الأمن، يوم الجمعة الماضية إلى القوات التي أتت من دول عدة من دون تفويض شرعي إلى اليمن. ورغم كلامه عن الوضع في عدن، يكرّس ولد الشيخ نشاطه لتعميم تجربة عدن على صنعاء وصعدة وغيرهما من المدن اليمنية، حيث يدفع باتجاه نزع سلاح الجيش و«اللجان الشعبية»، بحسب ما أبلغ مجلس الأمن في الإحاطة نفسها.

في هذه الأثناء، اتضح أن ولد الشيخ لم يحدد موعداً بعد لعقد مؤتمر «جنيف 2»، بالرغم من أنه كان قد وعد بعقد المؤتمر في نهاية الشهر الحالي. كذلك لا يزال المكان رهنَ البحث، وهذا قد يعني تأجيل انعقاد المباحثات لأسابيع.

 وقال ولد الشيخ للمجلس إن «مساعيه تكللت بإبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة هادي بقبول التفاوُض مع معارضيه على أساس تطبيق القرار 2216»، متابعاً أنه على «هذا الأساس شجّع بان كي مون هادي على المشاركة في المحادثات التي سترعاها الأمم المتحدة”.
وأضاف أن هادي أبلغ الأمين العام في رسالة في 19 تشرين الأول نيته «إرسال بعثة خَاصَّــة للمشاركة في المحادثات للتوصل إلى حل للأزمة بحسب القرار 2216″. وبذلك شدّد ولد الشيخ على أن تطبيقَ القرار الدولي المثير للجدل سيكون الأساسَ الوحيدَ للتفاوض، من دون أن يأتيَ على ذكر اتفاق مسقط والنقاط السبع. لفت تقرير دولي إلى أن الحكومة في عدن تتعايشُ مع تنظيمات “جهادية” وأطراف معادية.
وأضاف ولد الشيخ أنه على تواصل مع «كل الأطراف المشاركة للاتفاق على الزمان والمكان وآلية العمل»، ما يعني أنه على بُعد أسبوع من نهاية الشهر الحالي لم يكن قد توصل إلى مكان عقد المؤتمر وموعده، علماً بأن مصادرَ دبلوماسية مطلعة كانت أبلغت «الأخبار» أن السعوديةَ طلبت المماطلة في عقد المؤتمر «ريثما تنجز المهمات الميدانية المطلوبة وفرض الاستسلام على أنصار الله وحزب المؤتمر الشعبي العام”.
السعودية المنزعجة من الأمين العام بان كي مون ونائبه يان إلياسون؛ بسبب انتقادهما للأضرار المدَنية الكارثية جراء غاراتها، منحت ولد الشيخ لقاءً خاصاً مع ولي العهد محمد بن نايف، ومع ولي ولي العهد محمد بن سلمان خلال يوم واحد. دَلّ ذلك على الرضا عن أدائه، ولا سيما بتمييع المفاوضات منذ توليه منصبه كسباً للوقت.

 وبرّر ولد الشيخ لمجلس الأمن سبب هذا التأخير بالقول إن المباحثات «لا بدَّ أن تجريَ بناءً على أسس واضحة وركيزة متينة»، مضيفاً: «ما اقترحته على الأطراف يقوم على آلية تطبيق القرار 2216 والتشاور على كُلّ بند من بنوده”. وفصل ذلك بتحديد ما يجري الحديث عنه بأنه «انسحاب الميليشيات من المدن الرئيسية، وإطلاق سراح السجناء، وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة إلى الجيش وتحسين الوضع الإنساني واستئناف حوار سياسي جامع”. وشرح أن تلك الخطوات «من شأنها أن ترسّخ توصيات الحوار الوطني ومبادرة مجلس التعاون الخليجي»، وذلك من دون ذكر النقاط السبع ولا اتفاق «السلم والشراكة”.
لهذه الغاية، طلب ولدُ الشيخ من المجلس مساعدتَه بتقديم رعاية وحماية «فمواقف الأطراف المعنية في النزاع ما زالت متفاوتة»، مطالباً بدعم الدول وتحفيزها لكل الأطراف للدفع باتجاه كُلّ ما يمكن أن ينهيَ الصراع، ودعا إلى أن تتولى حكومة  الفار عبدربه منصور هادي وجيشها مقاليد الأمور. لكنه وقع في تناقض كبير في إفادته، حيث أكّد أن سيطرةَ الحكومة على عدن، المدينة الوحيدة التي تفاخروا بالسيطرة عليها ضعيفة، وأن «القاعدة» و«داعش» يمارسان أعمالاً إرهابية تستهدفان السلطة. وأشار إلى أن المدنيين يسقطون بالمئات في الأعراس التي لا يذكر من قصفها في مدينة المخاء ونواحيها. وقال للمجلس: «لم تجر الرياح كما تشتهي السفن. فقد استهدف داعش مقر الحكومة في عدن وفقد العديد من المدنيين حياتهم وأصيبت قياداتٌ حكومية عدة، ما أجبر الحكومة على مغادرة المقر ريثما تُتَّخَذُ تدابيرُ أمنية اضافية. كذلك أجبرت منظمات الأمم المتحدة الإنسانية على الحد من توسع أعمالها بحكم انعدام الأمن في عدن”. وذكر ولد الشيخ استهداف صنعاء، لكنه لم يسمِّ المهاجمين، مكتفياً بالقول: «استهدف انتحاريون مسجداً في صنعاء الشهر الماضي، ما سبّب وفاة قسم كبير من المصلين في عيد الأضحى»، شاكياً من وفرة السلاح في البلاد دون ذكر مصادره.
ولد الشيخ الذي أفادت مصادر «الأخبار» بأنه رتّب استقدام ٥٠٠ عسكري موريتاني للقتال إلى جانب القوات السعودية، ذرَفَ دموعاً على اليمنيين يوم أمس. وقال إن الوضعَ داخل اليمن كارثي، وإن المدنيين ما زالوا يعانون من انعكاسات تجاهل قوانين الحروب وحقوق الإنسان. فبحسب أحدث تقرير صدر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية، هناك 21 مليون يمني، أي 80 بالمئة من السكان، بحاجة لمساعدات إنسانية. وهناك 20 مليون نسمة لا يحصلون على مياه الشرب، فيما يتجاوز عدد الأطفال الذين يعانون سوء التغذية نصف مليون.
أما المساعدات الإنسانية التي من المفترض نقلُها من دون عرقلة، فهي «تُمنع من الوصول إلى سكان تعز، ما أوجد نقصاً خطيراً في الأدوية والمواد الأساسية، فضلاً عن عرقلة إدخال الوقود الى المدينة»، بحسب ولد الشيخ. وهُنا لم يذكر من يعرقل إيصال المعونات إلى ميناء الحديدة ومنه، لكنه قال بشكل مُبهم «إن التعرُّضَ للشحن التجاري يؤثر مباشرةً على اليمن واليمنيين”.
من جهة أخرى، يذكر التقرير المقدم إلى الدائرة السياسية التي يشرفُ عليها وكيل الأمين العام للشؤون السياسية، جيفري فلتمان، أن العجزَ في نداء الإغاثة الخاص باليمن يصل إلى ٧،٧ مليارات دولار، وأن الاستعداداتِ لإرسال موظفي إغاثة إلى عدن والحديدة استكملت.
وأضاف أن هناك تكهناتٍ متزايدة حيال مزاعم عن مباحثات تجري في مسقط بين سفير الاتحاد الأوروبي إلى اليمن وبين مبعوث الأمين العام الخاص إلى اليمن من أجل إحياء الحوار بين مختلف الأطراف. وكردّ فعل على الموضوع، أشارت الدائرة السياسية في نيويورك إلى أن ثمة إشاراتٍ حول استئناف المباحثات برزت، ولكن ليس برعاية دولية.
ولفت التقريرُ الداخلي إلى أن الحكومةَ اليمنية الموجودة رسمياً في عدن المشرذمة «تتعايش جنباً إلى جنب مع أطراف معادية ومع تنظيمات جهادية. أما القاعدة في شبه الجزيرة العربية فتنشط في المنطقة عينها”.

* نقلاً عن صحيفة الأخبار اللبنانية

You might also like