كل ما يجري من حولك

وجه المنطقة يتغير.. والسعودية عالقة بين حصن عفاش وكهف مرّان..!

493

بقلم / عبد الكريم المدي

لا يمرُّ يومٌ واحدٌ تقريباً دون أن يوجّه محمد بن سلمان طائراته لقصف حصن عفاش التابع لأسرة الرئيس السابق علي عبدالله صالح بضواحي صنعاء، إلى جانب أطلال ما تبقّى له من بيوت هو وجميع أقاربه، والحال نفسه مع زعيم جماعة أنصار الله عبدالملك الحوثي، الذي تتعرض منطقته، بل ومحافظة صعدة برمتها لعشرات الغارات الجوية اليومية وآلاف القذائف المدفعية، التي تهدم البيوت على رؤوس ساكنيها من الأطفال والنساء.

السعودية تظنّ أنها كاملة وقادرة في ذاتها على حسم الإمور، بينما هي بهذه الطريقة تؤكّد إنها أبعد ما تكون عن الحسم والتصرُّف السليم أوالتواصل البنّاء مع الآخرين للبحث في إيجاد صيغ منطقية للخروج من المحنة اليمنية، بعيداً عن الاستمرار في القتل والدمار وتبنّي الصيغ الأحادية والعشوائية.

خارطة جديدة وتوجّه دولي جديد يبدو من الواضح أنه يتبلوربسرعة فائقة في منطقتنا ، وليس أدل على ذلك سحب أميركا لحاملات الطائرات من الخليج وبطاريات الصواريخ من تركيا ، وتوقيع الغرب للاتفاقية النووية مع إيران والتدخل الروسي المباشر في سوريا ،وأخيرا التوقيع على إتفاقية دفاع مشترك بين (قطر – إيران)، وهذه الصفعة الأخيرة ربما فاجأت السعود يين كثيراً، رغم معرفتهم للسياسة القطرية وتجربتهم الطويلة معها.

المهم ربما إن قطر أقدمت على هذه الخطوة مع عدو السعودية اللدود (إيران) ليقينها الجارف إن المملكة صارت تمرُّ بأضعف فترة من يوم أخذت شكلها ومساحتها واسمها الحالي، وحتى يوم وفاة الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيزصباح الجمعة 23 يناير2015.

الصداع القطري الذي يُصاب به السعوديون ليس وليد اللحظة ،بل إنه يمتدُّ لحوالي ثلاثة عقود تقريباً، فالدوحة لاتضيع أي فرصة تسنح لها في إزعاج الرياض، وهناك حقيقة إرث من المشاكل والأحقاد بين الطرفين، لعل البحث في تفاصيلها وجذور أسبابها سيستغرق منّا وقتاً أطول ومساحة أوسع ، لكن وبشكل مختصر، نعتقدُ إن أهم أسبابه تعود للإمكانيات المالية الهائلة لدى القطرين من جهة وعقدة النقص وطموحهم الكبير في التأثير الدولي والإقليمي الذي يصطدم بغول كبير اسمه السعودية من جهة ثانية، ناهيك عن كون هذا الغول (السعودي) قبل هذا وبعده، يُعاني أساساً من شهية الاستحواذ المفتوحة، وغرور العظمة اللامتناهي، وقد سبق وأن أكد حقيقة هذا الصراع الخفي / المعلن ذات مرة وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم آل ثاني ،من خلال مقابلة تلفزيونية قبل سنوات عدّة مع قناة الجزيرة وجه المنطقة يتغير.. والسعودية عالقة بين حصن عفاش وكهف مرّان..!

لا يمرُّ يومٌ واحدٌ تقريباً دون أن يوجّه محمد بن سلمان طائراته لقصف حصن عفاش التابع لأسرة الرئيس السابق علي عبدالله صالح بضواحي صنعاء، إلى جانب أطلال ما تبقّى له من بيوت هو وجميع أقاربه، والحال نفسه مع زعيم جماعة أنصار الله عبدالملك الحوثي، الذي تتعرض منطقته، بل ومحافظة صعدة برمتها لعشرات الغارات الجوية اليومية وآلاف القذائف المدفعية، التي تهدم البيوت على رؤوس ساكنيها من الأطفال والنساء.

السعودية تظنّ أنها كاملة وقادرة في ذاتها على حسم الإمور، بينما هي بهذه الطريقة تؤكّد إنها أبعد ما تكون عن الحسم والتصرُّف السليم أوالتواصل البنّاء مع الآخرين للبحث في إيجاد صيغ منطقية للخروج من المحنة اليمنية، بعيداً عن الاستمرار في القتل والدمار وتبنّي الصيغ الأحادية والعشوائية.

خارطة جديدة وتوجّه دولي جديد يبدو من الواضح أنه يتبلوربسرعة فائقة في منطقتنا ، وليس أدل على ذلك سحب أميركا لحاملات الطائرات من الخليج وبطاريات الصواريخ من تركيا ، وتوقيع الغرب للاتفاقية النووية مع إيران والتدخل الروسي المباشر في سوريا ،وأخيرا التوقيع على إتفاقية دفاع مشترك بين (قطر – إيران)، وهذه الصفعة الأخيرة ربما فاجأت السعود يين كثيراً، رغم معرفتهم للسياسة القطرية وتجربتهم الطويلة معها.

المهم ربما إن قطر أقدمت على هذه الخطوة مع عدو السعودية اللدود (إيران) ليقينها الجارف إن المملكة صارت تمرُّ بأضعف فترة من يوم أخذت شكلها ومساحتها واسمها الحالي، وحتى يوم وفاة الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيزصباح الجمعة 23 يناير2015.

الصداع القطري الذي يُصاب به السعوديون ليس وليد اللحظة ،بل إنه يمتدُّ لحوالي ثلاثة عقود تقريباً، فالدوحة لاتضيع أي فرصة تسنح لها في إزعاج الرياض، وهناك حقيقة إرث من المشاكل والأحقاد بين الطرفين، لعل البحث في تفاصيلها وجذور أسبابها سيستغرق منّا وقتاً أطول ومساحة أوسع ، لكن وبشكل مختصر، نعتقدُ إن أهم أسبابه تعود للإمكانيات المالية الهائلة لدى القطرين من جهة وعقدة النقص وطموحهم الكبير في التأثير الدولي والإقليمي الذي يصطدم بغول كبير اسمه السعودية من جهة ثانية، ناهيك عن كون هذا الغول (السعودي) قبل هذا وبعده، يُعاني أساساً من شهية الاستحواذ المفتوحة، وغرور العظمة اللامتناهي، وقد سبق وأن أكد حقيقة هذا الصراع الخفي / المعلن ذات مرة وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم آل ثاني ،من خلال مقابلة تلفزيونية قبل سنوات عدّة مع قناة الجزيرة ،إن لم تخني الذاكرة، حيثُ أشار فيها إلى أنهم دولة صغيرة وغنية، ونظرا لذلك فإنهم محل أطماع وتهديد دائم من قبل السعودية التي تُريد إلتهامهم، وهذا ما دفع بهم – حسب تعبيره – إلى التحالف مع أميركا والإرتماء في أحضانها وفتح القواعد والأراضي القطرية لها، وبالفعل فقد شيدت فيها واحدة من أكبر القواعد العسكرية خارج الديار الأميركية (قاعدة السيلية).

السعوديون الذين غالباً ما يحصرون تفكيرهم بالنوافل الصغيرة واللحظات التي يعيشونها ،لا يحبّذون الاعتراف بالتحديات والأخطاء، بدليل إنهم اليوم ورغم شدّة المخاطر التي تُداهمهم، سيما بعد فشلهم الكاريثي في الحرب على اليمن التي سلموا جنوبها على طبق من ذهب للإرهاب، ما يزالون يُمارسون نفس أساليبهم المعتادة في المكابرة والتعالي على الواقع، والاستمرار بقصف اليمنيين وتدمير مقدّراتهم، والشتم المتواصل الذي لا معنى له لـ (صالح – الحوثي) وكل مناصريهم، بهستيرياء لا تُعكس عقلية دولة أبدا.

كبرياء السعوديين ومقامرتهم بدولتهم وبدماء اليمنيين وبالمنطقة برمتها، تدفع بهم للقفزنحو المجهول ، فبعد أن أحجم أهم حلفائهم (مصر – باكستان – الأردن – المغرب ) عن ارسال قوات برية للقتال نيابة عنهم في اليمن، أتجهوا وبتعاون ودعم من الإخوان المسلمين نحو المشيرين (البشير) في السودان و(ولد عبدالعزيز) في موريتانيا، فالأول ورغم إنه مطلوب لمحكمة الجنايات الدولية وجيشه متورط بحرب إبادة واغتصاب جماعي في دار فور وغارق حتّى حاجبيه بحروب أهلية في كل مكان، تكرّم بإرسال حوالي (1000) جندي لمدينة عدن كدفعة أولى، والثاني الذي تُصارع دولته مشاكل الإرهاب والفقر، ومخاوف حدوث عملية انقلاب على حكمه كتقليد ومبدأ ثابت في هذا البلد، وعد نائب وزير الدفاع السعودي الذي زار نواكشط قبل أكثر من أسبوع بإرسال مقاتلين، وكل هذا طبعا، بأثمان باهضة ستدفع فاتورتها خزينة الرياض المنهكة بصورة غير مسبوقة.

المملكة الغارقة في رمال (العراق – سوريا) التائهة في دروب لبنان وتناقضاته، المنتحرة في جبال اليمن وعذاباته، ما تزال مستمرّة في ملاحقة اللاعائد منها، اللاعائد لها، تصرُّ على معاندة الحقائق بشكل جنوني لا تستطيع معه التفريق بين ما تراه وبين ما تتمناه.

فسياساتها والفكر الذي تتبنّاه، ومعها بعض الأنظمة الأخرى، قد جعلت من المنطقة جثّة هامدة، لا تمتلك أي طاقة على مقاومة التلاشي والتمزُّق والسقوط، والسؤال المحير هنا هو: هل ما تقوم به السعودية بالفعل ،يتمُّ بتنسيق كامل مع الإميركان والصهاينة، وإن صحّ هذا الكلام، فكيف تقود نفسها وبكل هذا الإنتشاء لنهايتها المحتومة؟

نعود لليمن.. حيثُ سبق وقلنا مرارا إن السعودية حينما قررت اجتثاث واستعداء علي عبدالله صالح، ستخسر، أكثر مما ستربح ،ستخسر أهم وأقوى شخص في اليمن، يمتلك حضوراً طاغياً ودهاء نادراً، وإرثاً من التأثيروالثقافة السياسية التي يستحيل تعويضها مع غيره، فصالح الذي يمتلك شخصية كارزمية حاضرة بكل عنفوان في أذهان الخصوم قبل الأنصار، سيُذيق المملكة كؤس المرّ، وسيستدرجها لدخول قلب عاصفته هو، وليس عاصفتها هي، لكن السعوديين لم يلقوا بالاً لأحد.
حتّى الإستعداء الذي يظهرونه تجاه أنصار الله وزعيمهم عبدالملك الحوثي، وبالطريقة التي نراها كل يوم ،هو الآخر خطأ تاريخي واستراتيجي، لأن هذا الأخير له مؤيدوه وأتباعه الذين يمثلون رقماً يصعب تجاوزه.

كمواطن عربي، لاأتمنى للسعودية سقوطاً وتفتتاً ملامحهما تبدو واضحة للعيان، لكن أظنّ إن أصحاب القرار، وتنفيذاً لإرادة ربانية، قد اختاروا طريق السقوط وضيقوا الخيرات على أنفسهم وعلى المنطقة، وزادهم ضبابية المعارك التي يديرونها في أكثر من مكان للدرجة التي ربما جعلتهم، وهم في قلب هذه المشاكل لم يشاهدوا الأفق، ويتمكنوا من ابعاد أنفسهم ومن حولهم عن حبل المشنقة الذي يلتفّ حول أعناقهم ، وقد لا يحصلوا في نهاية الأمر- كما حصل الراحل صدام حسين المجيد – على ضابط أميركي متعاون كي يمنحهم معطفاً يقيهم رعشة البرد الأخيرة حينما تتدحرج الكرسي من تحت أقدامهم، وسيظهرون مرتجفين خائري القوى تُدثرهم الذلة ويغطيهم الهوان.

 

  • رأي اليوم اللندنية
You might also like