كل ما يجري من حولك

آل سعود على خطى أسيادهم في البيت الأبيض وحلفائهم في الكيان الصهيوني

628

بقلم: الدكتور بهيج سكاكيني

أفادت التحقيقات الميدانية التي اجراها خبراء مختصون من منظمة هيومن رايتس ووتش أن “التحالف العربي” بقيادة السعودية قد استخدم قنابل عنقودية في هجماته على العديد من المحافظات اليمنية، حيث ذكرت في بيان صدر عنها مؤخرا من بيروت :” ان السعودية استخدمت صواريخ محملة بذخائر عنقودية فيما لا يقل عن سبع هجمات على محافظة حجة شمالي البلاد، اسفرت عن سقوط العديد من المدنيين.” وطالبت المنظمة بتشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق في انتهاك قانون الحرب (https://www.hrw.org/news/2015/08/26/yemen-cluster-munition-rockets-kill-injure-dozens وهذه ليست المرة الأولى التي تصدر هذه المنظمة الدولية بيانا تحمل فيه قوات” التحالف العربي” بقيادة السعودية جرائم بحق المدنيين والتي ترقى الى جرائم حرب. فقد سبق قبل عدد من الأيام مثلا بيانا ادانت فيه المنظمة المجزرة التي تعرض لها الحي السكني الذي تقطنه 200 عائلة يمنية للعاملين في محطة توليد الطاقة في المخا اليمنية.

وقد جاء في بيانها عندئذ ” الغارات الجوية التي نفذتها قوات التحالف بقيادة السعودية على مدينة المخا اليمنية، وتسببت في مقتل ما لا يقل عن 65 مدنيا، منهم 10 أطفال، وإصابة عشرات الآخرين بجروح، تبدو كجريمة حرب”.

وصرح أولي سولفانغ، باحث رئيسي في قسم الطوارئ: “قصفت قوات التحالف بقيادة السعودية مساكن تابعة لمحطة توليد الطاقة بشكل متكرر فتسببت في قتل عشرات المدنيين. في غياب أي أدلة عن وجود هدف عسكري واضح هناك، فإن هذا الهجوم يرقى على ما يبدو إلى جريمة حرب”.

\https://www.hrw.org/news/2015/07/27/yemen-coalition-strikes-residence-apparent-war-crime ان المدعو “التحالف العربي” الغير مقدس الذي شن عدوانه الهمجي والبربري بكل المقاييس التي عرفها التاريخ البشري والتجارب الإنسانية على مر العصور ما هو الا واجهة لعدوان امريكي- صهيوني بأداة سعودية والزمرة والمرتزقة ممن دفعت لهم السعودية من خزينة القبيلة التي يديرها آل سعود لشن العدوان على اليمن منذ 26 آذار الماضي، دون هوادة ودون انقطاع حتى في شهر رمضان المبارك.

“التحالف العربي” يواصل عدوانه وفي شهره السادس مرتكبا المجزرة تلو الأخرى بحق المدنيين الأمنيين الذين وضعوا في دائرة الاستهداف منذ اليوم الأول. ومن لم يستشهد مباشرة بعمليات القصف الجوي المكثف والمركز “بالصواريخ الذكية” الامريكية الصنع، يستشهد جوعا بسبب الحصار البري والبحري والجوي الغير شرعي الذي تفرضه قوات التحالف بدعم امريكي واضح، أو بسبب نقص الادوية والمواد الطبية وتدمير الشركات اليمنية المصنعة للأدوية أو تدمير المستشفيات ومراكز العناية الصحية.

كل هذا بصمت مطبق وتواطىء من قبل المجتمع الدولي وممثله الأمين العام السيد بان كي مون الذي يتلقى الإهانة تلو الأخرى من آل سعود لعدم استجابتهم لنداءاته الخجولة بين الحين والأخر لوقف اطلاق النار ولو لثلاثة أيام لإدخال المساعدات الإنسانية الأممية لشعب اليمن الذي بات اكثر من نصف عدد سكانه يتضورون جوعا وعلى حافة الموت.

ولا يسع المرء الا ان يقارن بين ما فعله الكيان الصهيوني اثناء الاعتداءات المستمرة على قطاع غزة والحصار الخانق لأهل القطاع المستمر لغاية الان والدمار الذي لحق بالقطاع ببناه التحتية وعمليات الإبادة الممنهجة للمدنيين التي كانت تقوم بها طائرات العدوان والقصف البري والبحري اليومي ولمدة 51 يوما في العدوان الاخير واستشهاد أكثر من 2000 شخص أكثر من ربعهم من الأطفال، نقارن بين ما فعله الصهاينة في غزة 2014 على سبيل المثال وعام 2006 في لبنان بما فعله ويفعله آل سعود في اليمن.

فالقنابل العنقودية التي تحدثت عنها منظمة هيومن رايتس ووتش والقنابل الفسفورية الحارقة قد استخدمت وفي كلا الحالتين طالبت المنظمة بالتحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبت ضد المدنيين.

ولكن آل سعود قد تفوقوا على اساتذتهم الصهاينة الى الدرجة التي تجرأ عندها السفاح نتنياهو قاتل أطفال غزة بالقول بما معناه إذا كنتم تريدون اخذنا الى محكمة الجنايات الدولية لما فعلناه في غزة فالحري بكم ان تروا ماذا فعلت السعودية في اليمن.

وقاحة متناهية ولكنها لا شك انها تعبر عن لقاء سفاحين وقتلة الأطفال الذين يتسابقون من هو الفائز والأجدر باللقب.

ولا يسعنا ان نترك المعلم الأكبر لكليهما وهي الولايات المتحدة التي وقبل انشاء الكيان الصهيوني قامت بأكبر عملية تطهير عرقي عرفها التاريخ البشري ربما، وذلك للشعوب الهندية من سكان أمريكا الأصليين فيما أطلق عليه “حرب الرجل الأبيض” والتي ابيد من خلالها ملايين الهنود وتم الاستيلاء على أراضيهم وتجميع وحشر من بقي منهم على قيد الحياة في معسكرات تجميع قبل ان يرسلوا الى مناطق حددها المستوطنون والمستعمرون “البيض” الدخلاء على الأرض والقادمون عبر البحار.

وهذا ربما هو أحد الأسباب لهذه العلاقة الروحية بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني فكلاهما كيان استيطاني احلالي انشأه “الشعب المختار” والاستثنائي!!! والمعلم الأكبر النموذج والمثل الأعلى هو من قام بقتل أكثر من أربعة ملايين فيتنامي (فترة الستينات الى سبعينات القرن الماضي) بدم بارد من خلال اتباع سياسة الأرض المحروقة واستخدام الأسلحة الكيماوية كالفسفور الأبيض الحارق والعامل الأورانجي الى جانب تسميم الأراضي الزراعية بآلاف الاطنان من المواد الكيماوية السامة والتي ما زالت غير صالحة للاستخدام للأغراض الزراعية للان.

وهي نفسها التي امدت السعودية بالقنابل العنقودية التي تستخدم في اليمن لقتل المدنيين.

وهي نفسها التي أمدت النظام في كييف بها أيضا لاستخدامها ضد المدنيين في مقاطعة الدونباس الذي يطالب أهلها بنوع من الحكم الذاتي ضمن ترتيبات مع الحكومة في أوكرانيا والتي جاءت نتيجة انقلاب دبر من قبل الخارجية والاجهزة الاستخباراتية الامريكية كمحاولة لتطويق روسيا بقواعد حلف الناتو.

هذه بمجملها لا تشكل الا القليل من العمليات الاجرامية للولايات المتحدة واداوتها وحلفاءها. وكل هذه الجرائم ارتكبت وترتكب اليوم بغرض الهيمنة والسيطرة على الشعوب ومقدراتها ومواقع بلدانها الاستراتيجية وتحقيق الأرباح الطائلة للشركات العالمية الكبرى وخاصة تلك التي تعمل في مجال الصناعات الحربية، وليس لصالح حفظ السلام والاستقرار ورفاهية الشعوب كما يدعون. في الخلاصة نقول إن آل سعود سائرون على خطى أسيادهم في البيت الابيض وحلفائهم في الكيان الصهيوني، ويوما بعد يوم يثبتون كم هم مخلصين لهذا النهج الموغل في وحشيته، وكم من طالب تفوق على اساتذته.

ولكن لا بد ان نذكر الطالب النجيب بالعبر التي لم يأخذ بها. ففي فيتنام وصل عدد الجنود الذين خدموا في فيتنام الى ما يقرب من نصف مليون جندي وعندها أيضا استخدمت الولايات المتحدة كل ما انتجته الصناعات الحربية الامريكية من اسلحة الدمار ولكنها اضطرت للانسحاب نتيجة المقاومة الشرسة للشعب الفيتنامي وقائده السياسي الفذ هوشي مينه والعسكري جياب، وتوالي وصول الاكياس السوداء التي كانت تحمل جثث جنودكم الى واشنطن من ارض المعارك في فيتنام. وأعيد ت الكرة في أفغانستان والعراق فماذا كانت النتائج سوى الخيبة لأكبر وأعتى جيوش العالم قاطبة على وجه الأرض.

لن تكونوا أوفر حظا في اليمن من اسياد البيت الأبيض في فيتنام أو أفغانستان أو العراق. أتدرون لماذا؟ الجواب ببساطة مثل اسياد البيت الأبيض لم تدخلوا في حساباتكم أهم سلاح في المعركة، وهو رغبة الشعوب واصرارها للعيش بكرامة وعزة وحرية ورغبتها الجامحة للدفاع عن هذه المفاهيم التي لا تتواجد في قاموسكم كما هي غائبة في قاموس البيت الأبيض. ومن ثم فإنكم لن تجدوا الا نفس النتيجة عاجلا أم آجلا، وعندها لن ينفع الندم.

* صحيفة المنار

You might also like