الخبير والمستشار الاقتصادي اليمني د/ عبدالعزيز الترب لـ»الثورة« العدوان السعودي.. حرب اقتصادية تستهدف تدمير اليمن لمصلحة نفوذ الخليج
> تأخر ترتيب البيت اليمني يأتي في إطار الحرص على إشراك كافة القوى السياسية اليمنية
> محاولات استهداف الملاحة البحرية والجوية لن تخدم العدوان بقدر كشفها لأهدافه المستترة
> إنهاء الفراغ سيكون خلال أيام وستعمل الحكومة على مدار عام حتى الانتخابات في سبتمبر 2016م
> قرار التعويم تاريخي وخادم للمواطنين في ظل تدني السعر العالمي وفي حال ارتفعت الأسعار ستكون معالجات حتمية
> أنصار الله وقوى ثورة 21 سبتمبر مسؤولون عن استمرار شرعية هادي كذريعة للعدوان على اليمن لعدم استكمال الإعلان الدستوري
> اليمن يحتاج 50 مليار دولار ليتعافى من نكبته والاقتصاد خسر 30 مليار دولار جراء العدوان
> العدوان أنفق بين 30-40 مليار دولار في قصف اليمنيين وكانت %10 من هذه الأرقام كفيلة ببناء اليمن أرضاً وإنساناً
أمام وضع اقتصادي صعب وزلزال تنموي غير مسبوق في تاريخ اليمن المعاصر، تظل أسئلة الواقع السياسي والسلطوي-ومستجداته وتداعيات أحداث حروبه الداخلية، وما يشهده اليمن من عدوان سافر- مفتوحة على مصاريع المستقبل التنموي والمعيشي لما يقرب من الثلاثين مليون نسمة خصوصاً بعد أن طال العدوان كل مقومات البلد ومقدراته الإنتاجية والاستثمارية والتنموية على أعقاب صراع سلطوي وسياسي عاشته اليمن أربع سنوات كانت كفيلة بشل عجلة التنمية وتوقفها تماماً.
إن الإجابة المستفيضة على هذا الواقع، وقراءة منحنياته، ليست بالأمر السهل خصوصاً في استمرار النزيف الداخلي والعدوان الخارجي على كل خارطة اليمن، ومع هذا حاولت صحيفة الثورة- في حوار صحفي شامل وصريح تجاوزت مدته الساعتين مع المستشار الاقتصادي الكبير رئيس الاتحاد العربي للتنمية الإدارية البروفيسور الدكتور / عبدالعزيز محسن الترب- لملمة أشلاء الإجابات من بين رُكَام الدمار والخراب ومن خلف حواجز الحصار الشامل ومن ثنايا الصمود الاجتماعي والاقتصادي الأسطوري أمام قسوة هذه المرحلة الاستثنائية بوجع الداخل وغدر الخارج «العربي والدولي».
البروفيسور الترب-الذي يشغل الآن رئيساً للاتحاد العربي للتنمية الإدارية- تطرق في طرحه الصريح إلى أهم أولويات الخيارات الإستراتيجية الممكنة على الصعيد الاقتصادي لمواجهة تداعيات هذه الظروف الاقتصادية الاستثنائية وراهنها الصعب، مُقَدِّماً تشخيصاً واقعياً لمختلف معضلات الملف الاقتصادي اليمني، ومنحنيات الخطر التي وصل إليها وأبعاد وتبعات ونتائج هذا العدوان والمعالجات العاجلة التي يجب على اللجنة الثورية العليا، وتحالف القوى السياسية الوطنية الرافضة للعدوان اتخاذها، وغيرها من الملفات…………. إلى التفاصيل..
# # بداية نبدأ من آخر مستجدات عدوان وحرب الاقتصاد.. مؤخراً تناولت وسائل الإعلام الخليجية قضية اعتزام تحالف العدوان تحويل خط الملاحة البحرية من ميناء الحديدة إلى عدن .. وتحدثت عن حرب العملة الصعبة أو تغيير العملة المحلية.. ما هي رؤيتكم تجاه هذا التناول أو خطوات مثل هذه إن صح التعبير..؟!
# بداية دعني أسجل شكري وتقديري لصحيفة الثورة على ثباتها رغم مشاكلها مع وزارة المالية والبنك المركزي والتي تابعتها باهتمام، وأود أن أقول لقد راهن الأعداء أو الشقيقة الكبرى على رهان خاسر ، ونهنئ الشعب على صموده الذي انتصر طوال هذه الفترة، لتنتصر إن شاء الله بعده الجبهة الاقتصادية.. وذهاباً إلى سؤالك، من تناول إعلام العدوان بأنهم سيطبعون عملة جديدة، وأنهم سيحولون خط الملاحة وسيسحبون الغطاء على الريال، وغيرها من طلائع حرب الاقتصاد، بعد أن فشلوا سياسياً وعسكرياً، لأن العدوان كذب على أمريكا وهذا ذكره باول وزير الخارجية الأسبق، والذي كان عسكرياً وكان رئيس أركان القوات الأمريكية، بأن العاصفة ستحسم شأن اليمن في ظرف ثلاثة
أيام والآن هم يطلبون وساطتنا بأن نخارجهم من المارد اليمني الجسور..
هذه الحرب الاقتصادية تأتي أيضاً بعد انتصار إيران في مفاوضتها الصعبة 12 عاماً، فأرادوا أن تحتكر الإمارات العربية المتحدة عدن، وبالأخص عدن الميناء الذي كان الثاني عالمياً حتى لا ينافس موانئ دبي، وسيناء، وهم في الفترة السابقة خلقوا ميناء جيبوتي للقضاء على ميناء عدن.. فإذاً بعد انتصار إيران حاولوا أن يأتوا إلى عدن ، ويستولوا عليها، وما المدرعات والعتاد والقوات الدولية والمعونات السخية التي تتدفق إلا دليل جلي وواضح على ذلك، أي أنهم يريدون أن يسيطروا على عدن بتاريخها المجيد وشعبها الجسور الذي طرد بريطانيا.. وهذا أبرز هدف اقتصادي و استراتيجي للعدوان، ومحاولات العدوان لاستهداف الملاحة البحرية والجوية اليمنية يكشف أهداف العدوان المستترة.. التي تؤكد أن الحرب اقتصادية أولاً وأخيراً ولم يأتوا على سواد عيون هادي أو غيره..
الشرعية والعدوان
# # هناك خبراء يحذرون من استمرار الفراغ الرئاسي والحكومي الذي تعيشه اليمن .. فكيف ستتم مواجهة هذه الحرب الاقتصادية، فقد يحصل تحويل خط الملاحة ويرفع الغطاء في حال استمرار الفراغ في ظل وجود تحالف يضرب تحت غطاء ما يسمى بشرعية هادي وحكومته من الرياض.. ما هو ردكم على هذه التحذيرات..؟
# استطيع القول أن الكرة الآن في مرمانا كيمنيين وكقوى سياسية داخلية رافضة للعدوان، وفي الخطاب الأخير لقائد الثورة قائد المسيرة القرآنية قال: بما لا يدع مجالاً للشك لقد نفد الصبر وعلى القوى السياسية أن تستفيق على آلية إملاء الفراغ الدستوري، بمعنى آخر أن اللجنة الثورية العليا قد اتخذت قراراً قبل أسبوع أو عشرة أيام أن مجلساً رئاسياً ومجلساً حكومياً ومجلساً تشريعياً ستشكل من كافة أبناء الشعب من كل القوى التي قالت لا للعدوان والتي ستعلم أن الشعب سينتصر بصمود وحكمة هذه المكونات للجبهة الاقتصادية التي ستواجه حرب العدوان المعيشي والاقتصادي على الشعب اليمني الصامد.. وعلى اليمنيين جميعهم أن يختلفوا وأن يتفقوا على آلية تسرع من إنهاء الفراغ الرئاسي ويتفقوا على يمن بعزة وكما انتصرنا خلال الفترة الماضية رغم كل هذا العدوان سننتصر في القادم..
والجواب الأهم بالنسبة للجانب الاقتصادي نحن لدينا القدرة على أن نفتح السوق أمام العالم، ولن ننتظر ما سيقرره الخليج بشأن اقتصادنا، وكما تدفقت الشركات الأوروبية بعد فتح الحصار على إيران ستأتي إلى اليمن وسندفعها للتنافس متى استطعنا أن ننظم..
# # في حال تمكن تحالف العدوان من تحويل الخط الملاحي من ميناء الحديدة، ما هو الخيار الاستراتيجي المناسب لليمنيين..؟
# مهما كانت تهديدات العدوان فلا يصح إلا الصحيح، ولن ينتصر إلا صاحب الحق، فهناك جملة من القرارات الاستراتيجية سنتخذها كيمنيين يصطفون خلف قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي، فنحن نؤمن أن تلاحم كل الشعب رافعاً راية نعم ليمن مستقل ومستقر، لا للعدوان لا للحصار، وهناك قنوات إقليمية ودولية معنا لرفع الحصار من ناحية إنسانية.. لكنهم الآن يحملون مسؤولية أننا نخطو خطوة إلى الأمام لكي نرتب البيت بعد الإعلان الدستوري الذي تأخر كثيراً ولم يتأخر إلا لأن قائد الثورة يريد أن يشرك الكثير من الناس، لكن للأسف البعض يحسب المسألة ، مسألة ربح وخسارة.. نحن نقول لكل الأطراف بما فيهم أنصار الله أن يقرّوا بأن هذه المكونات رديف فعلي لهم وشريك حقيقي، وليست تابعاً لهم ..
ومتى استطعنا توظيف مبدأ الشراكة توظيفاً خلاقاً، سننجح، نحن جميعاً في سفينة واحدة وإذا لم يستوعب الناس أن اليمن ستبقى وجميعنا سيذهب، لن نصل إلى حل عادل ومنصف.
ستبقى بكل تأكيد.. أما كيف فالكل يصارع والقوي سيفوز وسينتصر بعض الوقت لكنه لن يستمر بسبب سلوك الانتقام من خصمه، وبالتالي سيبقى النصر للشعب والبقاء للشعب، خذ مثلاً على ذلك كوبا، كم حصاراً حوصرت وتجرعت خسائر طائلة والآن من أسابيع مضت بدأوا يرممون أبواب سفارة الولايات المتحدة فيها .. إيران أيضاً، حوصرت لكن العبرة في فن التفاوض، نحن لا ندعو للتفاوض دون أن نركز على من هو قادر على التفاوض.. ويكفي أنصار الله والقوى الخيرة والمكونات السياسية والمنظمات المدنية الرافضة للعدوان أنهم وصلوا إلى جنيف رغم محاولات التعطيل في طريقهم وكانت الرياض وسماسرتها يعتقدون بأن هذه الجهات جاءت إلى جنيف لتسلّمها مفاتيح الأرض.. لكن القوى الدولية قالت تَفَاوُضْ بين كيانين يمنيين على شيء جديد.. فهذا انتصار لليمن خصوصاً أنصار الله.. إذا التاريخ يعلمنا الانتصار للحرب.. انظر كم حرباً دخلها أنصار الله وخرجوا منتصرين لكن لا نريدهم أن يكرروا المظالم التي ارتكبت بحقهم، وفي الجنوب- وأنا أتحدث كخبير وليس كطرف- كم ارتُكِبَتْ مظالم بحق الإخوة في الجنوب لكن عليهم أن يعوا أنهم أخرجوا الانجليز بعد نضال أربع سنوات – وليس معقولاً أن تأتي القاعدة و دواعش أو سين من الناس ليرفع علم السعودية.. اليمن ليست إمارة تابعة للمملكة.
خيارات إستراتيجية
# # كمستشار اقتصادي هل قدمت مقترحات تتضمن خيارات المواجهة الاقتصادية مع العدوان للجنة الثورية العليا.. ؟!
# تقدمنا باشتراطات كخبراء للسيد حفظه الله وهو درسها بعناية والرجل صبور قال: عليكم أن تفضحوا العدوان وتعترفوا أنهم لا يريدوان عدن حباً وسلاماً لأحد، لا للجنوب ولا للشمال أو تحرير الجنوب من أحد، ولكن يريدوان أن يسلبوكم العزة والكرامة والاستقلالية في القرار.. فهناك خيارات استراتيجية هامة ذات بعد اقتصادي وقاسية سنطبقها على أنفسنا أولاً اللجنة الثورية والحكومة حتى يتدفق المواطن معنا من كل عزلة ومديرية، فلو لم يشاهد المواطن هذا العدوان الوقح الغاشم لكان سيخرج لإحراق صنعاء لكنه هو يضحي بحقه في الغاز المنزلي في الخدمات في الكهرباء في سبيل الانتصار على هذا العدوان.. أهم هذه الخيارات ستتجلى في القرارات القادمة، حيث ستشرك كل الناس في حكومة إنقاذ وطني، شعاره (خطط معنا نفذ معنا واحكم معنا ).. وليس لكل فرد إلا ما يستحقه بناء على كفاءته وقدرته على العمل لمصلحة الوطن وسنتقشف ونربط الأحزمة، أما النظام الجديد الذي تأخرنا فيه فسيكون له أكثر من ذراع، وسيكون هناك مجلس استشاري للاقتصاديين ليتولى تنفيذ استراتيجيات النهوض الاقتصادي وبمسؤولية كاملة .
# # ألم يكن هناك مجلس اقتصادي في السابق.. وما الجديد في المجلس الذي ذكرته.. ؟
# نعم .. كان هناك مجلس اقتصادي لكنه ليس متفراغ، ومعظمه ليس مقيما هنا، ورئيسه هو رئيس مجلس الوزراء ومجموعة من وزرائه لكنهم لا يذكرون اجتماعاتهم إلا متى ما حلِم دولة رئيس الوزراء أو في حالة الكوارث.. أما المجلس الجديد سيكون متفرغاً وأعضاؤه مقيمون هنا سيكون مجتمعاً يومياً، وسيجتمع في اليوم الثاني بعد اجتماع رئيس الوزراء ليكون تقييما لما خرج به مجلس الوزراء ويحلل ويقدم رؤى وقرارات نافذة وسيكون هناك ذراع آخر خصوصاً ونحن نشتكي من الفساد والإفساد فهناك جهاز.. الرئيس السابق أو الهارب « الرئيس السابق» وهو المشرف العام للقوات المسلحة والمفتش العام للقوات المسلحة وهو لم يكن موجوداً قبل إعادة الهيكلة، سنوجد جهازاً للمفتش العام للدولة بدرجة رئيس وزراء وسيكون مسؤولاً على كل المؤسسات والمصالح الإيرادية والضبطية بمعنى آخر مهمته الأولى تقييم ودراسة التقارير تقارير جهاز الرقابة والمحاسبة تقارير هيئة الفساد ومن ثم وضع خارطة طريق لاستدعاء ومحاسبة المخالفين.
# # وهل مسألة الرقابة والضبط تتصلان بالجانب المالي فقط أم بالجانب الإداري والتنفيذي؟
# ستشمل كل الجوانب من تقييم العمل الإداري والانضباط الوظيفي ومن ثم التنفيذي لمهام العمل الوظيفي ومن ثم المالي ، الأهم من ذلك أنه منذ (30) سنة لم تقم السلطة بمحاسبة أي مسؤول حكومي في مصلحة إيرادية رغم التقارير التي ترفع ضده، إذ أن الفساد ظل محمياً بالقانون ، على مدى العقود الماضية..
الأمر الآخر سأشرك القطاع الخاص، وسأسلم كل رجل أعمال ملف أعماله إلى يده، وسأوجه جهاز التدقيق الذي سيكون لديه نسخة بمتابعة تنفيذ المشاريع في حال نجحت المؤسسة سيكون له مزايا وفي حال فشل سيقدم للمحاكمة وسيكون عمل الحكومة خلال سنة حتى سبتمبر 2016م ومن فاز في الانتخابات يشق طريقه أو يعمل كما تعمل اليوم تركيا، حيث الرئيس الماضي لا يستطيع الترشح إلا بتحالف قوى سياسية جديدة وكاسحة، اليمن ستكون خلال هذا العام أشبه بورشة عمل لبناء إنسان ودولة جديدة أساسها العدل والمساواة سنطبق مبدأ الثواب والعقاب وأولاً على أنفسنا على من هو في هذا الموقع..
قرار التعويم
# # ما يتعلق بقرار التعويم هناك من يرى أنه قرار مجحف سيتحمل تبعاته المواطن.. هلا وضعتنا أمام صورة واضحة عن هذا القرار وأبعاده المالية.. ؟
# هذه رؤى سياسية لم تقرأ في القرار إلا ما يمكن أن يثير قلق الناس.. قرار التعويم قرار تاريخي خصوصاً في ظل تدني مستوى السعر العالمي للنفط إلى أدنى المستويات وإرادة الخالق منذ عرفت نفسي حافظة لليمن فكل القرارات التي كنت شاهداً عليها منذ إعلان الوحدة ومنذ حرب صيف 94 رغم قسوتها كانت تأتي في ظل أوضاع خادمة للشعب اليمني البائس.. هذا القرار التاريخي والشجاع الذي ترددت كثير من الحكومات في اتخاذه لأنها كانت تعيش مناكفات سياسية بين قواها المتصارعة.. هو الآخر جاء في ظل وضع نحمد الله عليه، فالظروف العالمية اليوم لأسعار النفط التي وصلت أدنى مستوياتها منذ شد النفط العالمي الارتفاع والسباق والتنافس على تكوين الاحتياطيات، هذه الظروف ساعدت على اتخاذ القرار وساهمت بشكل كبير في تخفيف تبعاته على المواطن اليمني وعلى الدولة.. أما أبعاده فهي واضحة في دعم خزينة الدولة بأرقام فلكية كانت تذهب في الدعم..
# # ذكرت أن هذا القرار جاء في ظروف مناسبة وهي تدني مؤشر أسعار النفط العالمي، فما المعالجات الكفيلة بتخفيف عبئه على المواطن، في حال استمرت الأزمة والحصار وفي حال ارتفع مؤشر أسعار النفط.. ؟
# حالياً هناك ميزان ثابت ومسار متزن للسعر العالمي، وستكون الأسعار على ما يتوقع الكثير حتى نهاية 2016م تحت السيطرة، وفي حال ارتفع ستتدخل الحكومة بمعالجات ستحدد حينها، وفي تقديري في تجربة الجنوب عندما تم الـتأميم في 69، كنا نستورد سلعة ما من الضروريات مثلا بـ 7 دولارات وأبيعها للمواطن بـ 20 ديناراً، لكن أنا اضاعف الفارق الذي أتحمله لهذه السلعة، في الكماليات المختلفة وتتولى الدولة رفع هذه السعر، وهي تراقب أيضاً وتتدخل في أسعار المواد الضرورية، وعندما كان يحصل وفر في عائد القطن أو السمك، زيادة عن السعر العالمي اسوي هذه النسبة في صندوق وابني المدارس والطرقات والمستشفيات ونواجه الكوارث مثلا.. لكن كان هناك دولة، فأي قرار تاريخي بحاجة لدولة وجهاز رقابة يحمي المواطن الذي هو الثروة الحقيقية للدولة، وعليها أن تهتم به وترعاه..
اليمن والفراغ
# # نعم في حال وجود الدولة لكن اليمن اليوم تعيش فراغا.. فما المشكلات التي تعيق هذا القرار في هكذا فراغ..؟
# المشكلات الأبرز تتمثل أنه قد ينعكس سلباً إذا استمر الحال على ما هو عليه الآن من الأزمة والحصار كما لا زال هناك إشكال في مسألة الرقابة على القرار وعلى السوق لأن عدم الرقابة على السوق سيجعل البعض يحتكره ليخلق سوقاً سوداء لا تخدم التنافس، وبالتالي لا مفر من أن يواجه اليمنيون الحقائق الماثلة والمؤلمة وبالصبر سيتغلبون على الفترة المؤقتة للتعويم، في حال استمر الحصار، أما في حال انتهى الحصار، وتدفقت المشتقات عبر القطاع الخاص والحكومة، فالقرار لا زال مربوطاً بهبوط السعر العالمي مع تعهد اللجنة الثورية العليا بالتدخل بمصفوفة من المعالجات في حال ارتفع السعر فجأة..
يبقى هنا أن أشير إلى أن هناك المعضلة المتصلة بثقافة اقتصاد السوق، فالقطاع الخاص اليمني لا يؤمن إلاّ بالربحية لذلك ظلت الدولة من زمن تحتكر عليه قضية المشتقات وكثير من المجالات فهو لا يؤمن بالبورصة فليس في البلد بورصة، فعندما يكون لديه سلعة بكميات كبيرة يحاول يخفيها حتى يقل عرضها ليبيعها بسعر أكثر، وإذا هبط السعر العالمي في سلعة ما يرفض التاجر التعامل مع هذا السعر الجديد، بذريعة أنه اشتراها بسعر أعلا وعلى المواطن أن يذهب إلى حيث السعر الأدنى أي في السوق العالمية، وهكذا تتجسد الصورة وكان التاجر هو الرابح فقط، ثقافة السوق الحر تقتضي خضوع الجميع لميزان الربح والخسارة وبالتالي تظل حياة المجتمع الاقتصادية في توازن..
# # إلى ماذا تعيدون هذه الثقافة وما هي هوية الاقتصاد اليمني إذن..؟
# مرجع هذه الثقافة عائد لتفاقم الصراعات والأزمات على مدى طويل وبالتالي غياب الدولة المعنية بإرساء سياسية اقتصادية معينة.. فاقتصادياً اليمن متأخرة جداً وليس في الفكر الاقتصادي فلديها كوادر كبيرة، ولكن في الممارسة العملية لاقتصاد السوق، فرغم تقدم دول الجوار اقتصادياً ومالياً وأسواق بورصة وممارسات حددت هوية اقتصاد كل دولة، إلا أن الاقتصاد اليمني لا هوية له في الماضي والحاضر، فلا هو اقتصاد اشتراكي ولا رأسمالي ولا اقتصاد مخطط.. هذا القرار جاء لإعادة ترتيب الأوضاع، خاصة وأنت تؤمن باقتصاد السوق.. فكيف تتحدث عن اقتصاد السوق وما عندك بورصة وما عندك مال وما عندك رجال مال وأعمال أقاموا انتخابات في مجالس غرفهم مهيمنين لعقود..
# # من زمن طويل نادى القطاع الخاص اليمني بان تفسح الدولة له المجال في سوق المشتقات، فها هي الكرة بملعبه .. لكن ما المطلوب منه..؟
# المطلوب من القطاع الخاص استغلال الفرصة بإذكاء التنافس في خدمة المجتمع لا بخلق حيل وأزمات من شأنها الإثراء على حساب المواطن والدولة، كما أن عليهم أن يعيدوا النظر في مشاريعهم الاقتصادية والخدمية وتقويتها وحوكمة إدارتها وفق معايير السوق العالمية، فعندما نتحدث عن نفط، وقمح، نحن نتحدث عن محور الحياة اليومية، غير الحديث عن إبرة وقميص أو عن سلعة كمالية بإمكان الفرد الاستغناء عنها لأبسط الظروف.. فهذا امتحان صعب على الجميع، كما أن عليَّ كجهاز دولة أيضاً مراقبة التدفقات الواردة من هذه السلع إلى كل الموانئ والمطارات وضبط إيقاع حركتها ووصولها إلى السوق كاملة، حتى لا يتم خلق سوق سوداء..
تجارب ناجحة
# # ما هي النماذج الدولية التي نجحت تنموياً من خلال تعويم الأسعار ورقابة السوق يمكن لنا الاستفادة منها والنظر إليها..؟
# هناك نماذج كثيرة هناك مصر التي انتهت الآن من مشروعها الضخم (قناة السويس الجديدة) وهو خير دليل على اعتماد التعويم والسعر العالمي والتفاعل الشعبي وتخصيص مبالغ الدعم الضخمة لمثل هكذا مشروع، فهناك سياسية اقتصادية خلقت تدفقات مالية كبيرة حركت جمود التنمية والبنية التحتية.. خذ العراق مثلا الدولة المنتجة، لكنها الآن تمر بمحنة الشتات والدماء، خذ الأردن التي لا تمتلك موارد ولكنها تمتلك إدارة ورقابة وقائد مخطط هو كان الملك حسين رحمه الله، ومن بعده الملك عبد الله الثاني، أنشأوا صندوق لوفر مبالغ الدعم ليستطيعوا أن يتدخلوا متى استدعت الأزمات، خذ سوريا بعد صعود بشار ابن الزعيم الكبير الراحل حافظ الأسد استطاع في المجال السياسي ينهي الانقلابات وفي الجبهة الاقتصادية أدى فريق استشاري للعمل وكان هو الموجه والقائد خذ هذا التجربة على إمارة دبي استطاع الحكيم محمد بن راشد آل مكتوم – وان لم يعد حكيماً بعدوانه على اليمن- أن يحول دبي إلى سوق عالمية حرة عامرة بالنشاط والتدفقات.. ولكي ندرك المفارقات التي يجب علينا دراستها والأخذ بأفضلها أنه عندما صارت الأزمة العالمية لم يقم خليفة بن زايد، بتصفية حسابه مع إمارة دبي على سبيل المنافسة لمصلحة إمارة أبو ظبي، بل دعمها من صندوق أبو ظبي لأنها امارة في الكيان الواحد.. هذه النماذج هي على دول عربية، إذ لا مقارنة مع دول كبرى كالصين والولايات المتحدة وغيرها من دول التقدم الإداري كمحور أساسي في نهوضها.. وهنا تجدر بنا الإشارة إلى الإدارة في الوطن العربي- رغم تجارب بعض دولنا العربية التي ذكرنا – لا زالت هشة.. أما في اليمن فهي مقتولة وقاتلها أنا وأنت باستطالة صراعنا السياسي والسلطوي وحتى انتصاراتنا لم تسع يوما ما لتأسيس شيء اسمه الدولة، وثقافة علمية وعملية تخدم التنمية اسمها الإدارة والانضباط، على الرغم أننا نملك كوادر وكفاءات يستفيد منها الخارج أكثر من الداخل إلا أننا لا نستفيد من هذه الكوادر ولم نتح لها أي فرصة، كما أننا نمل كادر وظيفي ولكنه مقيد برئيس أو مدير لا يحضر ولا ينضبط في معظم الأحيان..
والدليل على هذا تجد اليوم في ظل الفراغ الرئاسي والحكومي المؤسسي، أن هناك عقل مدبر ومدير ذاتي لمجريات العمل الوظيفي اليومي لدى كل موظف رغم هذا الفراغ، مكتب رئاسة الجمهورية وسكرتارية رئاسة الوزراء هما العقل المفكر والمدبر للدولة وعلينا أن نسأل أنفسنا كيف تسير الأمور..؟
# # على ذكر مشروع قناة السويس بمصر.. أورد قرار التعويم تخصيص نسبة مئوية من مبالغ الدعم لكل لتر لإنشاء ميناء نفطي وإنشاء محطة كهربائية.. إلى أي مدى ستنجح اليمن إذا ما أخذنا بوضعنا المختلف عن مصر وحالة التدهور الأمني وعدم الاستقرار السياسي..؟
# هذان قراران مميزان على صعيد التوجه المستقبلي وأنا متفاءل ومع هذين القرارين.. لكن لن يكتب لهما النجاح الذي كتب للمشروع المصري –مع فارق القيمة والإستراتيجية- إلا في حالة توفر استقرار أمني ووعي مؤسسي رقابي تنفيذي وتفاعل شعبي يحارب ويواجه التحديات الأمنية وظواهر الجشع والاستغلال السيئ لأساسيات معيشة المواطن، والطريق تقطع والممتلكات العامة والخاصة تنهب أو تسْلب في الطرقات.. وهذا لا يعني إنكار ما حققه الجيش واللجان الشعبية بقيادة اللجنة الثورية العليا ومؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية، فالجميع أنه منذ 21/سبتمبر/ 2014م أصبح الأمن أكثر وجوداً وحضوراً حيث قل الاختطاف وانتهت التقطعات والنهب والسرقات على الخطوط الطويلة وفي المدن الفرعية والرئيسة.. باستثناء ما خلقه العدوان من قلاقل واختلالات في بعض المحافظات حين فتح الباب للتطرف والتفجيرات وبعض الأعمال التخريبية المسيئة.. من خلال انتهاج العدوان سياسة توظيف ضعاف الأنفس الذين كانوا مهيمنين على القرار السياسي في البلد..
أما على صعيد النفقات وحجم الكلفة لإنشاء المصفاة والميناء النفطي ومحطة الكهرباء.. فلن تكلفني الأعباء غير المقدور عليها أو التي تخيفني من الإقدام، إذا ما توفرت عوامل الأمن والاستقرار.. سأدفع بالشركات تعمل وفق النظام التفاضلي، والتنافسي، نفذ، دير، حوّل.. ولن يكلفني أعباء إذا عرفت أوظف كيفية الوصول إلى القرار الصحيح..
الشركات المنفذة
# # هل تم عرض هذين المشروعين على شركات دولية مثلاً ذات كفاءة عالية في مجال البنية التحتية والملاحة البحرية وكذلك رصانة العمل الخدمي في إنشاء محطات الكهرباء..؟.. وكيف سيتم التعامل مع شركات أجنبية في ظل هذا الفراغ والأزمة السياسية التي ألقت بظلالها على تعامل الخارج مع اليمن..؟
# ثمة تواصل مبشر بخير خصوصاً مع الصين، لكنه لم يزل غير معلن.. أنا التقيت بمجموعة من المستشارين وأرباب الشركات الصينية ذات الكفاءات العالية، بحكم عملي الإقليمي والدولي، فبناء على معلومات تصلهم عن فكرة ما كنت قد طرحتها هنا أو هناك، وأن صاحب القرار في اليمن يستمع لي ويأخذ بنصيحتي كاقتصادي، جاءوا إليَّ وأكدوا لي أنهم على أتم الاستعداد في تولي تنفيذ مثل هذه المشاريع..
مسألة الفراغ الذي أشرت إليه في سؤالك ستنتهي قريباً، وليس لهذا الموضوع ذلك التأثير الذي يمكن أن يوقف علاقات اليمن الخارجية، فالشعوب الحرة وعلى رأسها جمهورية الصين الشعبية وروسيا الاتحادية، ودول الاتحاد الأوروبي، وبالذات الصين، تريد أن تقدم الكثير لنا، والجميع يعرف العلاقات الاقتصادية اليمنية بين الصين وبين روسيا، منذ ما قبل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م، كما أن شعب حر ودولة عظيمة كالصين، أو روسيا، وغيرها تؤمن بأنها لا تدعم الأنظمة فحسب، بل تدعم إرادة الشعوب التي هي فوق كل شرعية، ومصالح الدول مع الشعوب لا مع أنظمة فاشلة فرّ رؤساؤها من داخل بلدانهم.. ، فالأنظمة تتغير، والشعوب تبقى..
أقول هذا انطلاقاً مما علمته من أحدهم من أن الرئيس الهارب في الرياض «هادي» التقى سفير أحد الدول الكبرى وقال: (له تعالوا نفذوا الاتفاقيات التي وقعتها مع بلدكم في زيارتي الأخيرة، شريطة دعم شرعيتي).. هكذا يقول، بعد أن دمَّر اليمن وسفك دماء اليمنيين، ما يعني أنه يريد معرفة موقعه في المستقبل، ومصلحته دون الشعب، وهو ما تدركه الدول الكبرى في أن كل شخص يبحث عن مصالحه، ولهذا مارست دول العدوان أوقح وأوسخ السبل والضغوطات على الدول الكبرى لكسب موقفها وتأييدها لما يسمى بشرعية هذا العدوان.. لكن شرعية الشعب اليمني هي وحدها من تقرر من صديقها ومن عدوها.. وعموماً أؤكد أن هذه الظروف العصيبة وما تشهده المنطقة من تكتلات دولية اقتصادية، هي بكل تأكيد تفصح لنا كيمنيين، أن العالم لن يطرق بابك إذا لم تبادر أنت، وبالتالي عليكم سد الفراغ بشرعية شعبية في أقرب وقت ممكن..
# # بالعودة إلى مخصص هذه المشاريع من قيمة اللتر الواحد.. تقديرياً.. كم ستورد لصالح هذه المشاريع خلال 24 شهراً..؟
# إذا أخذنا المسألة بحجم الأعباء المتطلبة لإنشاء هذا المشاريع.. ستخفف هذه المبالغ عني عبئاً كبيراً استطيع أن أوظفه في التكاليف والنفقات، وتقدّر بين 35-50% من كلفة هذه المشاريع، وهذه النسبة مما كان يستنزف في مسألة دعم المشتقات، وهي أرقام فلكية كانت تستفيد منها سوى أربع أو خمس شركات فقط، وهي محسوبة على جهات النفوذ.. أهم ما في الأمر أن هذه الخطوة أشبه بعملية رفع الدعم عن مادة القمح، بعد الوحدة اليمنية، حيث واجهنا سلسلة من التحديات، ولكن استطاعت الخزانة العامة أن تستفيد من مبالغ الدعم حينها..
وهو ما سيحصل من وراء قرار تعويم أسعار المشتقات اليوم.. صحيح أن هناك كان فساد حول مبالغ دعم القمح حينها عن مسارها التنموي الحقيقي.. وأنا أنبه إلى عدم تكرار ذلك، وأنا على ثقة أنه لن يتكرر خصوصاً بعد تطهير بعض منابعه، حيث أن الفساد تراجع كثيرا بعد ثورة 21 سبتمبر 2014م.. وعند هذا السؤال بالتحديد يجب عليا أن أحرر بنك البنوك من وضعه الراهن، فأنا أجعله يشرف على النقد الأجنبي والإشراف على كل البنوك وتعزيز ملاءتها التمويلية والاستثمارية لما يخدم التنمية وفرص العمل والبناء.. أنني أرجع إلى جهاز الخزانة العامة حتى يتفرغ للرقابة والاشراف، لأن هذا القرار له أبعاده ومشاكله التي قد تحصل في حال استمرت الأوضاع كما هي.. خصوصاً إذا ما أدركنا أن القرار ألزم القطاع الخاص بتوريد مبالغ عائدات عقود تسويق وبيع المشتقات بالعملة الصعبة للبنك المركزي..
سياسات مصرفية ناجحة.
# # بمناسبة الحديث عن سياسة البنك المركزي اليمني.. إلى ماذا تعيدون سبب استقرار العملة، رغم الحصار ورغم العدوان ونتائجه الكارثية..؟
# إجابة على هذا السؤال المحوري الذي أثار اهتمام المواطن اليمن، دعني أحيي عبر جريدة الثورة، البنك المركزي اليمني، بكل كوادره، وعلى رأسهم محافظ البنك بن همام، الذي تحمل المسؤولية بجدارة، وقال منذ اللحظة الأولى، للوضع الجديد، أي بعد 21 سبتمبر 2014م، لن أطبع، سأقنن، سأراقب، سأراجع، سأعيد النظر في السياسات لما يعزز جهود مواجهة العدوان، كما أحيي بنكين رئيسين وهي ملك الشعب، الأول كاك بنك (البنك الزراعي)، والثاني بنك الإنشاء والتعمير أول ركيزة اقتصادية يمنية، الذي استطاع محافظه أن يوظف فنية إدارته في ضبط إيقاع السوق، هذان البنكان استطاعا بمساعدة القوى الخيرة من الاقتصاديين والاستشاريين ضبط السوق، وجلسوا جلسات طويلة مع شركات الصرافة، وقالوا لهم تريدوا دولار سنوفر دولار، ولكن نعمل جميعا على استقرار السوق، وصارت العملية تحت رقابة البنك المركزي كان يقدم في الوقت اللازم، وكان يرفض في الوقت المناسب، لكن هذا الوضع لن يستمر لأربعة أشهر قادمة.. فمع شراسة المؤامرة، وفشل عدوان التحالف في الجانب العسكري اتجهوا للجانب الاقتصادي، فأوقفوا التحويلات إلى اليمن ومنعوا وتعرضوا للملاحة الجوية والبحرية، بشكل أو بآخر أن تدخل وهي تحمل دواء ومساعدات وغذاء ومنتجات استهلاكية، وبشكل لا يتنافى فقط مع أعراف المجتمع الدولي، بل يتنافى مع قيم الحرب النبيلة الذي تتميز بها الأمم، يريدون أن يوصلوا الشعب إلى الانهيار والاقتتال وأن يثور الشعب تحت ضغط انعدام اسباب المعيشة على ما تبقى من مقدرات الوطن وعلى من يكابد ويواجه العدوان..
# # عند هذه المحاولات وهذا المنحنى الأكثر خطورة ماذا على اليمنيين فعله..؟! وبحكم موقعك كمستشار اقتصادي متى تتوقع يخرج اليمن من حالة الفراغ الرئاسي والحكومي.. ؟!
# علينا الاستعجال، في سد الفراغ الرئاسي والحكومي، والتشريعي وفق شرعية شعبية جامعة ووفق آلية تتسع الجميع، ما عدا من مد يده للعدوان الخارجي الذي دمر اليمن أرضاً وبنية وموارداً وقبل هذا استهدف سفك دماء الابرياء أطفالاً ونساء وشيوخاً، وكل هذا في سبيل فرض الهيمنة على اليمن، وتسيير قراره السياسي والاقتصادي والإداري..
أما متى سينتهي هذا الفراغ فأنا متفائل أنه لن يأتي نهاية أغسطس إلا ونحن قد بدأنا ترتيب البيت من الداخل، وأوجدنا مجلساً رئاسياً، ومجلساً تشريعياً، وحكومة إنقاذ وطني، أساسها إعمار وتنمية لما دمره العدوان الوقح، والهدف الثاني الاستعداد للانتخابات في نهاية 2016م، وهنا كل القوى وكل أحرار العالم في الخارج سيقفون وسيضغطون على شعوبهم بأنه ناصروا الإرادة الشعبية في اليمن، وبعدها كما قلنا بأن مصالح الدول مع الشعوب وليست مع الأشخاص ولا الأنظمة، وبالتالي هذ المصالح ستجعل رؤوس الأموال تتدفق إلينا كما تتدفق إلى إيران من دول الاتحاد الأوربي ومن كل دول العلام بعد ذلك الحصار الجائر..
خسائر الاقتصاد اليمني
# # ولو دخلنا في تفاصيل خسائر الاقتصاد اليمني جراء العدوان الحصار..؟
# ليس من السهل علينا الآن الطرح الحقيقي والدقيق عن مدى الخسائر الباهظة التي لحقت بالاقتصاد اليمني جراء العدوان، إذ أن مراحل حصر الأضرار الاقتصادية لم تكتمل نظرا لاستمرار القصف والحصار على مدار الساعة وعلى مدى خمسة أشهر، غير أن التقديرات الأولية فيما تم حصره تشير إلى أن الخسائر المادية جراء استهداف البنية التحتية والتنموية من طرقات وجسور وملاعب رياضية، ومنشآت خدمية تعليمية وطبية ومبان عامة وخاصة، والإنتاجية من مصانع الأسمنت ومصانع الغذاء ومزراع الدواجن وغيرها تتجاوز الـ(30) مليار دولار، ناهيك عن أن العدوان طال اليمن عسكرياً ونفسياً واجتماعياً، إذ أن الضرر الاجتماعي والنفسي والخسائر البشرية من النفوس البريئة لا يمكن أن تقدر بثمن ولن تغادر ذاكرة الأجيال المتعاقبة.. ورغم هذا فقد سجّل الشعب اليمني صموداً تاريخياً وتحمل عبئا غير مسبوق وظل متماسكاً نظراً لما يراه من عدوان بربري وهمجي يطال الوطن، وإلا ما احتمل انعدام الغاز المنزلي لثلاثة أيام، ورأيناه يحرق صنعاء، لكنه بهذه الحكمة وهذا الصمود انتصر على العدوان، وستنتصر الجبهة الداخلية وعلى رأسها الجبهة الاقتصادية، على هذا العدوان السعودي الذي أكد فشله بمحاولة اللجوء إلى الحرب الاقتصادية والمعيشية لما يقرب الثلاثين مليون نسمة..
خلاصة القول أن تعافي اليمن من تبعات أزماته السياسية ومن آثار العدوان السعودي، يحتاج (50) مليار دولار لإعادة بناء وترميم ما خلفه العدوان العربي الشقيق ومعالجة ما خلفته الأزمات السياسية السابقة.
ما أود تأكيده أيضاً كاقتصادي هو أن الحرب والعدوان اليمن، هي اقتصادية بالدرجة الأولى من ناحية مصلحة المعتدي، واقتصادية أيضاً من ناحية أدوات الضغط واستراتيجيات المعركة، نفسيا حيث الإعلام المشترى بالمال، سياسيا حيث تم شراء المواقف الدولية، وعسكريا حيث القصف البربري، وأخيراً اقتصادياً حصار شامل محاربة حركة الملاحة اليمني برا وبحرا وجواً، ليكون الاقتصاد هو الحرب الأقسى في معيشة الناس والمواطنين والفقراء، فقد استخدموا الملف والسلاح الذي ركّع جعفر النميري في السودان الشقيق المشارك في العدوان..
# # تقديرياً.. كم أنفق العدوان على هذه الحرب، وماذا لو حول هذه الأرقام الفلكية في الخير والسلام في اليمن..؟
# ما أنفقه العدوان السعودي على هذا الدمار في اليمن أرقام صادمة للعقل الإنساني، فقد تراوحت بين ( 30 -40) مليار دولار تقريباً حسب تقديرات مختلفة للنفقات على الأسلحة التي يتم استخدمها في القصف اليومي على مدى خمسة أشهر، فقط غير المليارات من الدولارات التي أنفقتها السعودية، ما بين صفقات أسلحة وما بين شراء الذمم يمنيا وعربيا وأممياً.. وكانت نسبة 10% من نفقات هذه الحرب كفيلة بحل كل مشاكل اليمن، الماضية والحاضرة والمستقبلية، ووضع حد لتدخل إيران في اليمن من خلال المساعدات الإنسانية البحتة، إذ أن تدخل إيران في النفوذ على اليمن ليس سوى ذرائع واهية، ولكن صراع النفوذ والمصالح أغوى دول العدوان، وخدعوا بأنهم القوة العظمى التي ستواجه خطر إيران في المنطقة، في الوقت الذي لا تمثل فيه إيران الدولة العلمية العظمى التي يجب أن نتحاور معها ونقيم علاقات ندية، ودية، تعزز مكانة الأمة الإسلامية وتعزز حضور الشرق أمام الغرب..
تجدر الإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية كانت تحشد لهذه الحرب الظالمة منذ فترة ففي العام 2014م رفعت موازنة الجانب العسكري إلى 80 مليار دولار، أما والحرب جارية بهذه الشكل، الذي حطم التوقعات التي ترسمها السعودية في عدوانها على اليمن..
# # كيف تنظرون لمستقبل العلاقات اليمنية الخليجية الاقتصادية بعد كل هذا.. ؟
# قبل أن تسأل عن مستقبل العلاقات الاقتصادية، أسأل فقط عن مستقبل المنتج الخليجي في السوق اليمنية.. ! أن اليمن سوق مفتوح لكل المنتجات الخليجية، وعندما نتحدث عن اليمن، نحن نتحدث ثلاثين مليون نسمة، لذا فبكل التأكيد العلاقات بهذا العدوان شهدت تصدعاً غير مسبوق في المنطقة كلها، وزلزلت المصالح المشتركة على الصعد التنموية والتجارية والسياسية والاجتماعية أيضاً.. فالمنتج الخليجي سواء كان تجارياً استهلاكياً أو خدمياً، أو استثمارياً، أو غيره في السوق اليمنية يفترض أن يقاطعه الشعب قبل اتخاذ قرار رسمي إذا لم يضغط أصحاب هذه المنشات والمصالح التجارية علي حكامهم لوقف العدوان والحصار..
دعوة الداخل والخارج
# # وأنت تشغل منصب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الإدارية، ما الكلمة التي تود توجيها من موقعك لكل من: مجلس الأمن..؟
# أدعو مجلس الأمن لا يكون متفرجا وكفاية صمت وعليه إصدار قرار بإدانة العدوان ورفع الحصار دون.قيد او شرط وتشكيل. لجنة تقصي ورصد الجرائم وإحالتها لمحكمة الجنايات كون اليمن عضو في الأمم المتحدة ومعتدي عليه..
# # الجامعة العربية ..؟
# جميعنا يدرك أن قرارات الجامعة العربية تولد ميتة ومن أهمها هذا القرار الذي يبيح العدوان على إحدى الدول المؤسسة للبيت العربي، إذ أن هذه الجامعة لم تتخذ قراراً ضد إسرائيل لا في حصارها لغزة ولا في الحادث الأخير في إحراق الطفل الفلسطيني وأصبحنا وحوشاً على بعضنا عَبَدَةً للريال، الدرهم، والدولار..
# # منظمات المجتمع المدني اليمنية والإقليمية..؟
# أدعو منظمات المجتمع المدني في الداخل إلى الاستمرار في الحشد ورصد هذه الجرائم البشعة والتواصل مع نظيرتها الإقليمية والدولية للحشد في وقف العدوان وفك الحصار الاقتصادي، وعلى منظمات المجتمع المدني الإقليمية والدولية التحرك في حشد أحرار العالم وشعوبهم الخروج للمطالبة بوقف العدوان ورفع الحصار كما خرجت لرفع حصار غزة..
# # أنصار الله، والقوى السياسية اليمنية وكافة أبناء الشعب.. ؟
# على أنصار الله والقوى اليمنية المختلفة والشعب اليمني الرافض للعدوان، العمل سريعا على إشراك المكونات السياسية والمرأة والشباب في سد الفراغ الدستوري بناء علي توجيهات قائد المسيرة القرآنية، وقائد الثورة في خطابه الأخير المؤكد على ضرورة مشاركة الجميع في دولة النظام والقانون، وأقول بصراحة مطلقة أنصار الله ومن معها من قوى 21 سبتمبر 2014م مسؤولون عن استمرار شرعية هادي كذريعة واحدة لشن هذا العدوان عن اليمن، حيث أن هذه القوى لم تسر حثيثة في استكمال الإعلان الدستوري..
# # دول التحالف بأطرافها المختلفة محليا وإقليميا ودولياً.. ؟
# أقول للجميع: من يراهن على عودة الهارب هادي وحكومته يلعب بالنار، ولا يريد استقرار في المنطقة.. نعم لحوار يمني يمني.. وحوار سعودي يمني.. إن الشعب مالك حق تقرير المصير، والشرعية الثورية تلغي شرعية انتهت بانتهاء فترة ولاية هادي. ومن ثم باستقالته، ومن ثم باستباحة دم شعبه، ومطالبة وضع اليمن وشعبها تحت البند السابع. وأخيرا غيابه لأكثر من تسعين يوماً.. ولا شرعية من الخارج ومحله الطبيعي ومن معه من سماسرة الريال والدرهم المحاكمة بالخيانة العظمي ويلاحقون.. عبر محكمة الجنايات الدولية.. وأخيراً اليمن رقم صعب ولا يمكن تركيع هذا الشعب الأبي والذي ظل متماسكا وصامداً في وجه العدوان.