بين رمضان وجنيف
بقلم / محمد العزيزي
ندخل بعد يوم أم ساعات أول أيام شهر رمضان المبارك الذي يهل علينا والوطن والشعب في حال غير الحال الذي كنا عليه وعشناه في سنوات خلت.. يأتي رمضان هذا العام وأبناء الشعب اليمني يعانون أقسى أنواع المعاناة والعذاب الممنهج والمقصود بتعاضد الأشقاء وأبناء جلدته ممن خانوا الوطن وهواءه وترابه والعيش والملح.
يأتي رمضان والموت والدماء تُسفك بحق اليمنيين ليس موت طائرات العدوان ومن حالفهم ولكن أيضا يموتون من الحصار الظالم والجائر على الشعب اليمني براً وجواً وبحراً فلا دواء ولا غذاء ولا تجارة ولا دخول ولا خروج من وإلى اليمن..
يعني قتل كل اليمنيين جوعاً لأجل عصابة تدعي شرعيتها في الحكم والاستمرار فيه وبمزاج أنظمة ودول الخليج وليس بمزاج الشعب اليمني.
يهل رمضان 2015م وكل شيء مقطوع أو محظور فلا كهرباء ولا ماء ولا مواد غذائية ولا أمان ولا طمأنينة ولا روحانية لهذا الشهر الفضيل الذي اعتاد اليمنيون على الاستعداد له من قبل شهر على قدومه.. يهتم المواطنون ويتساءلون عن وضع الكهرباء والانقطاعات المتكررة التي تتقصدها وزارة الكهرباء نتيجة الضغط على أحمال الكهرباء ويعيشون طوال هذا الشهر الفضيل في هم كبير وضنك لا يضاهيه عناء بسبب تلك الانقطاعات..
أما اليوم وفي رمضان هذا العام فالظلام الدامس هو سيد الموقف لأن الكهرباء في غياب متواصل منذ 3 أشهر تقريباً ومع ذلك المواطنون ما يزالون يمنون النفس بأن تأتي الكهرباء ولو لساعات قليلة ليحسوا بأنهم مازالوا على قيد الحياة أو حتى مكرمة من المتصارعين على السلطة بهذا الشهر الكريم.
يتابع كل أبناء الوطن مشاورات جنيف وما يمكن أن ينتج عنها عسى أن يأتيهم من هناك بصيص أمل او فرج يدخلهم أجواء شهر رمضان أيامه ولياليه بأمن دون طوابير طويلة للحصول على دبة غاز أو لتر ديزل أو بترول ..
يحدوهم الأمل جميعاً في أن يتفق كل الفرقاء هناك في جنيف ولو لأول مرة على مصالحة تساعد الشعب كل الشعب على أن يعيش ويعيش كل اليمنيين دون دماء وقتل وباحتياجات وإمكانيات محدودة.
يأمل الناس اليوم عودة الحكمة والرحمة والإنسانية التي يصفنا بها العالم أن تعود إلى محبي السلطة ومن يقاتلون لأجلها عقولهم وضمائرهم ووازعهم إن كانت لديهم عقول وضمائر ووازع ديني ووطني وحتى أخلاقي ..
إن من تريدون حكمهم والتربع على رؤوسهم وكرسي السلطة هم اليوم يموتون بصواريخ حلفائكم وقذائف ورصاص عملائكم استحضروا إنسانيتكم التي توزعونها لشعوب العالم وأنتم تستنكرون الظلم وانتهاك حقوق الإنسان دعوها هذه المرة لأبناء شعبكم المظلوم والمقهور والذي حرمتموه من كل الحقوق الإنسانية التي تطالبون بها لشعوب العالم الذين يعيشون هذه الأيام أفضل منا وأكثر حالاً مما نحن فيه.
اجعلوا من رمضان وروحانية رمضان وآداب ومشاعر رمضان محطات تلاق وتوافق وأرضية لإيقاف الحرب والصراع العبثي والموت الجماعي، الجراح كبيرة والمعاناة أكبر وطالت الجميع.. الأوضاع مخيفة ومؤلمة وستتضاعف والحالة بلغت الحلقوم ولا داعي للمراوغات السياسية النتنة التي لن تخدم أي طرف كان المنهزم أو المنتصر اتركوا كل الارتباطات وتقديم الخدمات لزعماء الجرم والقتل وتصفيات الحسابات الاقليمية أو الدولية..
ما نزال نعلق الآمال على بركات وكرامات هذا الشهر الكريم شهر القرآن والرحمة والتراحم شهر الفقراء “كل اليمنيين” بأن تحل علينا هذه الكرامات والخيرات، كما أن الأمل أيضا معلق بما سيجود علينا بـه”جنيف” من وفاق ومخارج لكل مشاكلنا وصراعاتنا التي نتمنى أن يكون آخر فصولها “لقاء جنيف” ..
اللهم أدخلنا رحاب هذا الشهر بكل الخير وجنبنا فيه كل مكروه.. رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير.