تنبيه ضروري:
الحبيب علي الجفري
______________
في خِضَمّ ضجيج التحريض الطائفي الذي “تنعق” غربانه بخراب المنطقة وجب لفت النظر إلى أمر هام، وهو أننا معاشر السنة الشافعية في اليمن وإخوتنا الزيدية، ليس لمذهبينا صلة من قريب أو بعيد بالصراع الدائر اليوم.
فإخوتنا من الزيدية هم أقرب فرق الشيعة إلى السنة، حتى إنهم لُقّبوا بسُنّة الشيعة، وكل ما يُشاع عنهم من الخوض في عِرض أُمنّا السيدة الصدّيقة عائشة رضي الله عنها، أو القول بتحريف القرآن هو محض كذب وافتراء يُروّج له من عُرف عنهم الفجور في الخصومة، ويتلقّفه بالتصديق من لم يعرف الحقيقة، فيقومون بتبَنّيه ونشره عن جهالةٍ وتضييعٍ لفريضة التَثبُّت.
فالزيدية، مع تفضيلهم سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه على سائر الصحابة، يقولون بجواز ولاية المفضول، أي أنهم يُقرّون بصحة خلافة الشيخين سيدنا أبي بكر وسيدنا عمر رضي الله عنهما، كما أن الزيدية لا يقولون بالتقية بل يُحرّمونها.
….
وقد دَرَجَ أهل اليمن، شافعية وزيدية، على الصلاة خلف بعضهم البعض في نفس المساجد، ومضت القرون عليهم وهم يتزاورون ويتصاهرون ويأخذ طلبة العلم من كلا المذهبين عن علماء المذهبين مع تمييز إوجه الاختلاف ومعرفة الفوارق.
…
ولم تدخل هذه النعرة البغيضة إلى اليمن إلا من طريق تلاعب الأنظمة بالتوازنات الدينية وتوظيفها ضمن التنافس السياسي، مما فتح الباب أمام الصراع الإقليمي لامتطاء ظهر الطائفية، فأخذت كل جهة تدعم مؤسسات تعليمية، أو أحزاب سياسية، أو جمعيات خيرية، فكانت بداية الصدام الطائفي بين تلك الكيانات أمثال الإصلاح “إخوان اليمن”، والحوثيين، وغلاة السلفية، وغيرهم، وكان النتاج التراكمي لهذا العبث هو تأجيج الصراع الطائفي مما أوصل البلاد إلى ما وصلت إليه، والمستفيد الحقيقي من هذا الاحتراب الداخلي في المنطقة هم أصحاب مصانع السلاح التي انتعشت بمثل هذا الجنون العبثي.
وهناك أسباب تراكمية أخرى لما يجري في البلاد كالظلم الذي وقع على أهل الجنوب من قِبَل من تاجروا بحقوق أهل اليمن كله، وإلى الله المُشتكى.
….
والخلاصة هي أن الصراع الحالي هو صراع سياسي خالص عمِل على تأجيج نار الطائفية وتوظيفها في الاحتراب الداخلي.
وعلى العقلاء أن ينتبهوا إلى خطورة هذا الأمر، ويبذلوا الوسع في إطفاء هذا الحريق لإنقاذ ما تبقى من بلاد الإيمان والحكمة
…
اللهم إنك عفو تحب العفو فعافنا وأعفُ عنا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ورُدّ على العقول رشدها، وعلى القلوب ورعها، وعجّل بالفرج، يا حي يا قيوم.