كل ما يجري من حولك

المسلمي في «فورين أفيرز”: النتيجة المؤكدة لحرب التحالف السعودي في اليمن هي المأساة التي حلت بالمدنيين (ترجمة)

555

 

ترجمة خاصة : متابعات :

نشرت مجلة «فورين أفيرز” مقالاً للكاتب والمحلل السياسي فارع المسلمي، بعنوان “الفشل الخليجي في اليمن”، قال فيه، إنه منذ نهاية مارس الماضي، يواصل التحالف العربي الذي تقوده السعودية قصف اليمن بشكل مكثف في محاولة للتصدي للحوثيين. يهدف التحالف من عمليات القصف تلك إلى إجبار الحوثيين على التراجع. ولكن حتى الآن، فإن النتيجة المؤكدة لتلك الحرب هي المأساة التي حلت بالمدنيين، فعلى الأقل لقي 1000 يمني مصرعهم وأصيب 1000 آخرون، وأجبر مئات الآلاف على ترك منازلهم.

وأوضح: “حتى لو نجحت دول الخليج في نهاية المطاف في إخراج الحوثيين من المدن، فإن تدخلهم في اليمن هو علامة على الفشل، وخاصة بالنسبة للسعودية”. في الواقع، لقد اضطرت أغنى دولة عربية إلى قصف أفقر الدول العربية من أجل إحداث تغيير سياسي. بل إنه يمكن القول حتى إن الأزمة الحالية في اليمن هي نتيجة مباشرة للتراخي الإقليمي في السنوات القليلة الماضية، إذا لم يكن في العقود الأخيرة.

وأضاف الكاتب: في العام 2011، دفع الربيع العربي البلاد نحو حافة الحرب الأهلية أثناء سعي المحتجين للإطاحة بالرئيس العنيد علي عبد الله صالح. وقد تدخلت الأمم المتحدة عن طريق وضع نموذج للتداول السلمي للسلطة، والذي حظي بدعم ست دول من مجلس التعاون الخليجي. وقد قادت مبادرة الأمم المتحدة إلى تسليم الرئاسة بنجاح من علي صالح إلى الرئيس المؤقت عبد ربه منصور هادي، ولكن في ذلك الوقت، لم تكن الدول الخليجية منخرطة بثقلها في تلك العملية ولعبت دوراً محدوداً فقط في انتقال السلطة. لقد كانت لديهم مشاغل أخرى. السعودية، على سبيل المثال، كانت مستغرقة في دعم تغيير القيادة في مصر، بينما كانت دول خليجية أخرى تحاول الإطاحة بنظام بشار الأسد في سوريا.

وقد تابعت هذه الدول نفسها، من مقاعد المتفرجين، مشروع مجلس التعاون الخليجي الذي أدارته الأمم المتحدة وهو يتفسخ. فبعد تسليم صالح السلطة لهادي، ركز الانتقال التدريجي للسلطة على بناء توافق بين النخبة اليمنية. وقد أثبت هادي أنه قائد غير مؤهل، بسبب عجزه عن توفير الأمن المادي أو الاقتصادي لبلد مضطرب. وبمرور السنوات، وبينما كان كل من هادي ومبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، جمال بن عمر، مشغولين باجتماعات تنعقد في فنادق خمس نجوم في العاصمة اليمنية، بدأت جماعات مسلحة، مثل الحوثيين، السيطرة على نواحٍ واسعة من البلاد. يقع اللوم هنا على المجتمع الدولي أيضًا. في العام، وفي محاولة منه لوقف توسع العنف في اليمن، فرض مجلس الأمن عقوبات على قادة تابعين للحوثيين عبر منعهم من السفر وتجميد أرصدتهم. ولكن بما أن الشخصيات المستهدفة لم تسافر أبداً خارج اليمن وتعاملت بحذر مع الأموال، فقد بدت العقوبات وكأنها مزحة.

وعلى الرغم من أن الدول الخليجية دعمت مصر بمليارات الدولارات خلال عملية انتقال السلطة فيها، إلا أنها مارست دوراً إشرافياً متحفظاً في اليمن. في الواقع، لقد شاهدت دول الخليج اليمن يغرق قبل فترة طويلة من الربيع العربي، لكنها لم تسع قط إلى رمي سترة النجاة له. فلعقود طويلة، قدم اليمن العديد من الطلبات للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، لأن ضمه سينهي القيود المفروضة على العمالة اليمنية في الخليج وبالتالي، إتاحة فرص للتوظيف لشبابها. إلا أن جيران اليمن الخليجيين رفضوا الموافقة على تلك الطلبات. وعلى الرغم من عدم إبدائهم سبباً للرفض، فمن الواضح للغاية أن اليمن أفقر بكثير من دول المجلس، فضلاً عن أنه الجمهورية الوحيدة في نادي الممالك هذا.

وحتى اليوم، تواصل السعودية إظهار معارضتها لقرارات النخبة اليمنية بمعاقبة الشعب اليمني. وبدلاً من معاقبة الحوثيين بشكل مباشر (بما في ذلك الحصار السعودي منع تدفق الغذاء إلى البلاد بما يشبه مذبحة صامتة وبطيئة للشعب اليمني) أو محاولة معالجة المشكلات التي أتت بهم إلى السلطة (كافتقار اليمن للقادة ذوي الكفاءة والخبرة)، انغمست السعودية في حملة عسكرية دون رؤية واضحة وطويلة المدى لإخراج اليمن من هذا الصراع الجديد.

ويرى الكاتب انه لمساعدة اليمن للخروج من هذه الحفرة، يتعين على المجتمعات الإقليمية والدولية إعادة التفكير في سبل التوسط لإحلال السلام في البلد المحاصر. لا تحظى أي من مسودة الدستور الحالية ولا المقترح القاضي بتقسيم اليمن إلى مناطق فيدرالية بأي نوع من التوافق أو الشعبية في اليمن.

في الحقيقة، إن معارضة الحوثيين لتلك الحلول السياسية ساهم في وصولهم إلى السلطة. الأكثر من ذلك، لن يفلح تدشين يمن جديد حتى تعود مؤسسات الدولة إلى العمل مجدداً. وأي خطة للسلام يجب أن تُبنى على الواقع الحالي على الأرض، وليس على طموحات مبالغ فيها للمستقبل.

الأهم من ذلك، هو أن القوى الإقليمية وخصوصاً دول الخليج في حاجة إلى إعادة تقييم سياساتها تجاه اليمن. وحتى لو تعرض الحوثيون للهزيمة في تلك المعركة، فإن الأسباب التي أدت إلى صعودهم السياسي والعسكري، معايير المعيشة والتهميش السياسي وضعف الحكومة، لن تكون قد وجدت طريقها إلى الحل. وهكذا، فإن معايير تقييم النجاح في اليمن لا بد ألا تكون مقتصرة على الجانب العسكري. وبدلاً من خلق نظام إقليمي جديد يركز فقط على مواجهة إيران، يمكن أن يشكل مجلس التعاون الخليجي نموذجا للتعاون. ولكن هذا لن يتأتى طالما أنه لم يتم ضم اليمن إلى المجلس. وبالتأكيد لا يمكن أن يحدث ذلك طالما أن سياسة المجلس تجاه اليمن تقف وراءها دوافع طائفية.

وعلاوة على كل ما سبق، يجب أن يشترك اللاعبون المحايدون، مثل عمان والاتحاد الأوروبي بشكل أكبر في خطط السلام الإقليمية والدولية. يمكنهم طلب هدنة فورية وأيضا ضمان تدفق الغذاء والدواء إلى البلاد. كما يمكن أيضا للاعبين المحايدين تجديد التزاماتهم تجاه اليمن عبر تحديد الأولويات الاقتصادية والمحلية أمام المتنافسين في المنطقة. إن أكثر المشكلات إلحاحا في اليمن حاليا هي أن أكثر من نصف السكان يعانون من المجاعة. وهكذا، لا بد ألا تكون الأولوية هي لي ذراع إيران عبر صنعاء.

إذا لم يتحرك المجتمع الدولي والدول الإقليمية لإنقاذ اليمن، فمن الصعب التنبؤ بالكيفية التي سينتهي بها الوضع في البلاد. فقد تتبع البلاد مصير سوريا وليبيا أو العراق، أو مزيجا مما حل بالدول الثلاث.

نقلا عن “خبر” للأنباء – فارس سعيد:

You might also like