كل ما يجري من حولك

السعودية وتجرع سم الهزيمة المُره ..أسرار تكشف لأول مره في تقرير موسع (صور فيديو) ماذا قال سلطان بن عبدالعزيز عن الحوثيين؟

634

 

كتب : عبدالله بن عامر

نأمل من الأشقاء في المملكة العربية السعودية أن يصلحوا موقفهم وألا يبذروا أموالهم أو يشاركوا بها في سفك الدم اليمني، وأن يجعلوا أموالهم للإعمار لا للدمار، وللحياة لا للموت، ولمساندة الشعب اليمني الذي هو جارهم، لا لدعم التسلّط عليه”.

الدعوة التي اطلقها السيد عبد الملك الحوثي في مقابلة أجرتها معه صحيفة الأخبار اللبنانية عام 2008 ردت عليها المملكة في العام التالي. دخل السعوديون -للمرة الأولى- في مواجهة مباشرة مع “أنصار الله”، كلفتهم أكثر من 400,000,000 ريال سعودي، بحسب دراسة أعدت لوكالة الاستخبارات الأميركية. لم تحل يومها زيارة الملك السعودي السابق عبدالله بن عبد العزيز للمناطق الحدودية مع اليمن، والتي أرادها لرفع معنويات قواته، من فرار هؤلاء وعلى رأسهم ضباط وقيادات…  فكانت الهزيمة المُرة.

كل حرب على صعده كانت تلد مثيلة لها بوحشية أكبر، المدنيون والأطفال والنساء كانوا يقتلون بدم بارد وسط تعتيم متعمد.

أُزيلت مناطق بالكامل بسبب الدمار الهائل الذي هجّر الناس من بيوتها المدمرة. يعتبر عضو مكتب السياسي لأنصار الله ضيف الله الشامي في حديث لموقع المنار أنّ سياسة التعتيم خدمت الحركة، “العالم لم يتعرف علينا إلا ونحن نقاتل ونواجه السعودية وقوتها وغطرستها، لم نظهر وكأننا ضعفاء مساكين نُضرب في بيوتنا، حتى لا تنكسر معنويات اليمنيين، لم نظهر إلا بالصورة القوية التي تمنح المواطن اليمني العزة والكرامة، وتمدّه بالمعنويات، بأنه بإمكانه أن يواجه أي طغيان في العالم مهما كان نوعه”.

في تقرير نُشر بدايات العام 2008، تقول مجلة الرأي تسلح أنصار الله:”الأسلحة التي يتجول بها الحوثيون في الأسواق لا تتعدى الكلاشنيكوف التي يضعون عليها لواصق لشعار «الموت لأميركا.. الموت لإسرائيل….» إلى الذخيرة وبعض القنابل”. الصورة هذه بدلتها إفرازات الحرب الخامسة، التي شكلت نقطة التحول في تسلح الحركة.

“عام 2004… بدأت الحرب ولم نكن نملك أكثر من الكلاشينكوف”، يقول ضيف الله الشامي. ففي اليمن يُعد المسدس والكلاشينكوف من الأسلحة الخفيفية التي لا يخلو منها أي بيت.

فثقافة حمل السلاح متأصلة في المجتمع اليمني، وهو في العُرف جزء من نخوة قبائل اليمن ووسيلة أفرادها للدفاع عن أنفسهم.

في صعدة، وبعد استشهاد السيد حسين الحوثي وما تلاه من استهداف لوالده العلامة بدرالدين الحوثي، والذي يُشكل مرجعية دينية كبرى في الوسط الزيدي، “اندفعت الناس للتسلح لدواعٍي دفاعية. لم يكن هناك أي مساعدات خارجية ولا حتى  بنسبة 1%”، يؤكد زوج ابنة العلامة السيد بدرالدين الحوثي، عبدالرحيم الحمران.

من الكلاشينكوف إلى المدرعات

شكلت الحرب الخامسة محطة مفصلية في الامكانيات العسكرية لأنصار الله، وفي الانجازات التي أخذت تبرز بقوة.

بين ربيع عام 2008 وتموز/يوليو من العام نفسه اندلعت حرب صعدة الخامسة.، كانت الظروف متغيرة عن سابقاتها من حيث قوة مقاتلي أنصارالله، الذين تجاوز عديدهم 10 آلاف مقاتل.

يومها، اتخذت السلطة اليمنية من تفجير جامع بن سلمان في صعده والذي راح ضحيته 18 مصلياً ذريعة لشن حربها الخامسة، رغم تأكيد الحركة أن أيادي النظام لم تكن بعيدة عن الجريمة.

“استمرت الحرب ثلاثة اشهر، استعدنا بعدها كل المواقع التي استلمها الجيش اليمني بموجب المفاوضات بعد حربه الرابعة، وغنمنا ما بداخلها من أسلحة، غنمنا كل الأسلحة التي كانوا يواجهون بها، وشكلت هذه الحرب أهم مصادر تسلحنا”، يؤكد ضيف الله الشامي.

“تدربنا ميدانياً على الأسلحة التي غنمناها، من الأشياء المضحكة أن من بين الغنائم بعض القذائف التي لم نكن ندري ما هو نوع السلاح التي يتم إطلاقها به، وكنا نخبئ هذه القذائف حتى غنمنا أسلحة آخرى مخصصة لاستخدام هذه القذائف، لم نكن أصحاب خبرة، بل كانت خبرتنا ميدانية… نكتسبها يوماً بعد يوم”، يقول الشامي.

نقطة التحول هذه، برزت في استخدام المقاتلين الحوثيين للمدرعات في مواجهة الحرب التي شنتها ضدهم السعودية.

الحرب السادسة: هُزمت السعودية

“سننهي هذا السرطان الموجود في محافظة صعده أو أينما وُجد… الأسلحة الحديثة سنشتريها، وسنبني المتاريس والتحصينات بدل المدارس… لنبتلعهم من الأرض أينما وُجدوا وبكل الامكانيات”،هكذا توعد الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح “الحوثيين” في بداية الحرب السادسة التي استمرت منذ آب/اغسطس 2009 وحتى شباط/فبراير 2010.

اشتعلت الحرب ضد أنصار الله. الدعم السعودي الذي لم يتوقف يوماً ضد الحركة اليمنية، دخل مباشراً على خط الحرب.واستبق الدخول المباشر للسعودية، الدعم اللوجستي الأميركي والفرنسي.

يقول عبد الرحيم الحمران: “الأقمار الاصطناعية سُخِّرت لرصد تحركات المسلحين من أجل ضربهم بشكل موجع”. وهي معطيات أكدها وزير خارجية اليمن آنذاك أبو بكر عبد الله القربي، في مقابلة مع قناة “الجزيرة” القطرية، قائلاً إن بلاده تلقت مساعدات من السعودية والولايات المتحدة، واضعاً المساعدات الأميركية في إطار التعاون الأمني  والاحتياجات التدريبية والمساعدات اللوجستية.

القوات السعودية:جيدة التسلح ضعيفة التدريب

5514dd71611e9b117a8b456e

دخلت السعودية الحرب، بعد 3 أشهر على مرور المعارك بين الجيش اليمني و”الحوثيين”. أرادت المملكة أن تغطي العجز العسكري اليمني مستسهلة ضرب الجماعة… فلم يكن لها ما تريد. شنت القوات الجوية والمدفعية السعودية هجوماً منتظماً استهدف مواقع “الحوثيين” على طول الحدود اليمنية-السعودية، القريبة من جبل دخان وجبل داوود.

تصف دراسة وكالة الاستخبارات الأميركية القوات السعودية التي شاركت في الحرب السادسة بأنها “جيدة التسلح ضعيفة التدريب”، وهي تعكس صورة معاكسة تماماً لما كان عليه مقاتلو “أنصار الله”، الذين تمكنوا من أسر العديد من الجنود السعوديين.

لكن الفشل الميداني اليمني والسعودي استحال جرائماً عشوائية ضد المدنيين، فقُصفت المنازل والأسواق الشعبية، وفق ما ينقل القيادي في أنصار الله ضيف الله الشامي.

الحرب النفسية

أمام الانهيارات الواسعة في صفوف الجيش اليمني، عمدت المؤسستين العسكريتين السعودية واليمنية لإعلان مقتل عبد الملك الحوثي، في غارة جوية استهدفته. نقلت “بي بي سي” البريطانية الخبر، منوهة إلى أن “ليست هذه المرة الاولى التي يعلن فيها عن مقتل عبد الملك الحوثي فقد اكد الجيش اليمني الاسبوع الماضي مقتله”. ونشرت وسائل الاعلام اليمينة والسعودية يومها فيديو يظهر ما قيل انه “المنزل الذي يضم عبدالملك الحوثي وعدد من أنصاره”. ليظهر بعدها السيد عبد الملك الحوثي في فيديو يدحض الأخبار الكاذبة.

خلال الحرب السادسة تمكن مقاتلو أنصار الله من دخول ” أراضٍ في العمق السُعودي… لم نهدف للسيطرة على تلك المناطق. بل أردنا توجيه رسالة… كانوا يقولون انهم سيقتطعون 10 كلم مربع من الأراضي اليمنية لصالحهم، فسيطرنا على أكثر من 75 قرية من السعودية وموقعاً عسكرياً منها منطقة جبل الدخان في جازان وموقع الجابري”. لم يكتف “الحوثيون” بدخول الأراضي السعودية بل وضعوا يدهم على الترسانة العسكرية التي كانت بحوزة الجيش السعودي في تلك المناطق.

“وعاد مقاتلو انصار الله … بغنائم مهمة شملت دبابات اميركية الصنع وجرافات كبيرة وناقلات واسلحة متنوعة بما فيها قناصات متطورة، فضلاً عن عدد من الأسرى السعوديين، وخسرت المملكة في تلك المعركة مئتي قتيل من العسكريين”، وفق ما ينقل الكاتب في الشان اليمني عبد الحسين شبيب.

بحسب الدراسة الأميركية فقد غنم مقاتلو أنصار الله “رشاشات ثقيلة أميركية من عيار 50 ملم، إضافة إلى قذائف هاون من عيار 81 ملم وذخيرة ، بنادق (G-3)عيار 7.62، والعديد من البنادق والمدافع الرشاشة، مع معدات اتصالات وناقلات جند ومدرعات تابعة للقوات السعودية”.

 

 

انهارت ألوية بكاملها في الجيش اليمني. على الجانب السعودي، فرّ ضباط وقيادات مخلفين أعداداً ضخمة من المدافع والصواريخ والمدرعات.

“حينها اضطر الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز الى زيارة قواعد عسكرييه في المنطقة الجنوبية لرفع معنوياتهم، فيما قطع ولي العهد آنذاك الامير سلطان بن عبد العزيز وكان وزيراً للدفاع اجازته في المغرب وجاء بنفسه ليدفع باتجاه وقف النار وقال حينها لمن يهمه الامر في المملكة ان هؤلاء اليمنيين لا يمكن الدخول معهم في حرب وانا اعرفهم اكثر منكم، ثم القى في مرحلة الاتفاق خطابا مهما اشاد فيه ببسالة اليمنيين وقال حرام ان تذهب هذه القوة والشجاعة في حرب مع السعودية”، وفق الكاتب شبيب.

في الوقت نفسه، كان “أنصار الله” يتلقون رسائل المملكة: أعربت عن استعدادها لدفع مبالغ باهظة مقابل انسحاب الحركة من المناطق السعودية التي كانت لاتزال تحت سيطرة مقاتلي أنصار الله وطلبت شراء الأسلحة التي غنمها اليمنيون من جيشها بأبهظ الأسعار، “للتغطية عن معالم انكسارها”. رفض المقاتلون اليمنيون المساومة… انسحبوا من أراضي المملكة بهدوء، دون أن يسلموا الغنائم، بحسب عضو المكتب السياسي لأنصار الله

في إحدى خطبه بعد انتهاء الحرب، قال السيد عبدالملك الحوثي: “إن هذه الحرب التي هي السادسة، قبلها خمسة حروب، لم تكن ضرورية ولا هي تخدم البلد، ولا مبرر لها أصلاً، انما هي عدوان ظالم في مواجهة نشاطنا الثقافي القرآني، الذي لم يتجاوز حقنا المشروع في حرية التعبير والفكر، واعتمد على التحرك السلمي بعيداً عن الاكراه والتكفير… إلا أن السلطة واجهت الفكر بالحرب والتعبير بالسلاح، في عدوان ظالم غاشم، استهدف الحياة بكل أشكالها، وحولت القرى وبعض المدن إلى أكوام من الخراب، وحذت السلطة حذو العدو الاسرائيلي في استهداف المدنيين المسالمين في القرى والمدن والأسواق ومخيمات اللاجئين.”

بعد الحرب السادسة، حاولت السلطة اليمنية “ترميم الأخطاء وأخذت ترمي التهم على بعضها، تجمع الإصلاح رمى بمسؤولية الحروب على صالح والعكس. الدعم السعودي لهؤلاء خفّ بشكل كبير.

أدركت  السعودية أن هؤلاء ورطوها بحرب فاشلة مع أنصارالله”، يعتبر ضيف الله الشامي أن كل هذا ساهم في انفراج الحركة، قبل أن تأتي أحداث العام 2011، ليكون أنصار الله أول الملتحقين بركب “الثورة” التي اطاحت بعلي عبد الله صالح .

في 31 آب/أغسطس 2013 خرجت الحكومة اليمنية لتعتذر من أبناء صعده وغيرهم، عن الحروب التي شنتها “السلطات السابقة والأطراف والقوى السياسية” في هذه المناطق… وهو اعتذار أتى متأخراً، لم يكن بإمكانه إعادة الحياة لآلاف الضحايا وعوائلهم.

يكتب عضو المكتب السياسي لأنصار الله عبدالملك العجري: “صحيح إن الحرب توقفت لكن ذلك لا يعني إنها انتهت وتوقف الحرب عند الجولة السادسة لا يفيد أن اليمنيين توفقوا في الوصول إلى تسوية أنهت الصراع وتضمن عدم تكراره وإنما نتيجة للإرباك الذي أحدثته ثورة فبراير في موقف القوى المتشظية للنظام السابق وانشغالها بصراعاتها البينية”.

وفي مكان آخر يكرر العجري حديثه مذكراً بأن “الحروب الست… تقف وراءها أسباب سياسية  لها علاقة بالحرب الكونية التي قادتها أمريكا على ما أسمته بالإرهاب الإسلامي، عقيب أحداث سبتمبر، كما له علاقة بصراعات المحاور في إقليمنا العربي و ليس أدل على ذلك من العدوان العسكري الذي شنته السعودية على أنصار الله مع تمويل و تحريض و رعاية سياسية.

إسراء الفاس – المنار

You might also like