«أنصار الله» تستنفر… استعداداً لإنزال في عدن
عين العدو على عدن، عبارة تلخّص الوضع الآن في اليمن حيث تحشد السعودية لإنزال يعيد عبد ربه منصور هادي إلى المدينة الجنوبية، فيما تخوض إيران معركة من نوع آخر، تتركز على إغاثة البلد المنكوب
انتهت «عاصفة الحزم» من دون أن تنتهي المجازر. العدوان السعودي لا يزال مستمراً جواً وإن بوتيرة مختلفة، في ظل عملية تنشيط للمجموعات العسكرية الموالية للرئيس الفار عبد ربه منصور هادي في عدن، حيث رُفعت الجاهزية العسكرية ضد الجيش و«أنصار الله»، بالتزامن مع حملة سياسية ودبلوماسية يقودها السفير السعودي لدى واشنطن عادل الجبير لأجل القيام بعمل عسكري خاطف، على شاكلة انزال مظلي بحري وبري، هدفه السيطرة على عدن وإعادة هادي إليها.
وبدا واضحا أمس أن هناك حركة عسكرية كبيرة من جانب قوات التحالف، تترجم نفسها بقصف بحري كثيف ومركز في عدن ومحيطها على مواقع الجيش و«أنصار الله» الذين نجحوا في تحقيق تقدم في محافظة تعز ترافق مع استعدادات لنقل قوات إلى المدينة الجنوبية، في ظل توقف كامل للاتصالات السياسية، مع بوادر معركة مستجدة حول عمليات الإغاثة التي تصر إيران على أن تؤدي دوراً كبيراً فيها.
وفي أول تعليقٍ لها على إعلان وقف العمليات العسكرية، طالبت جماعة «أنصار الله»، يوم أمس، بوقف كامل لضربات العدوان السعودي ورفع الحصار الشامل عن اليمن وشعبه، قبل استنئناف الحوار الوطني برعاية الامم المتحدة، من حيث توقَّف عند بدء العدوان. وأكد المتحدث باسم «أنصار الله»، محمد عبد السلام، في بيان رسمي أن مخرجات الحوار الوطني تبقى مرجعية توافقية لاستئناف العملية السياسية، وكذلك اتفاق «السلم والشراكة».
وأكدت الجماعة استعدادها للتنسيق مع «الإخوة الجنوبيين» لتسوية أوضاع وإدارة شؤون المحافظات الجنوبية بما يحقق الأمن والاستقرار وعدم ترك الساحة لتنظيم «القاعدة»، موضحين أنه «لو لم يتحرك الجيش والأمن واللجان الشعبية المسنودة بموقف شعبي قوي لكان بلدنا ساحة لعناصر القاعدة وداعش ولحصل من الجرائم بحق اليمنيين مثلما يحصل في بلدان أخرى.
من جهته، رأى السفير السعودي في الولايات المتحدة، عادل الجبير، يوم أمس، أن «عملية إعادة الأمل تهدف إلى إحياء العملية السياسية في اليمن» و«تشمل أيضاً وقف أي أعمال عدائية للحوثيين». وشدد الجبير على أن الرياض ستواصل الدفاع عن الشرعية في اليمن ضمن إعادة الأمل»، مؤكداً «استمرار الرقابة على اليمن جواً وبحراً للتأكد من عدم تسليح الحوثي»، والعمل على «حماية حركة الملاحة في باب المندب».
أما المتحدث باسم «عاصفة الحزم»، أحمد عسيري، فقد أكد أن العمليات «لن تتوقف»، غير أنها ستتركز على ثلاثة أهداف جديدة. وقال عسيري في حديثٍ إلى شبكة «سي إن إن»، إن العمليات المرتقبة لها جانبان: الأول سياسي والثاني عسكري، مشيراً في سياق الحديث عن دعوات «أنصار الله» إلى الحوار تحت رعاية الأمم المتحدة، إلى أنّ «عليهم التحدث مع الحكومة الشرعية لليمن لإيجاد حل سلمي». وأكد عسيري أن استدعاء قوات الحرس الوطني السعودي «يعتبر أمراً عادياً»، وأنه «لم يتحدث أحد عن دخول هذه القوات إلى اليمن».
من جهتها، أكدت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، برناديت ميهان، تطلع بلادها إلى «استئناف سريع وغير مشروط من جميع الأطراف للمفاوضات التي ستسمح لليمن بمواصلة عملية التحول السياسي الشامل الذي نصت عليه مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي ومقررات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة». كذلك رحبت بدور الأمم المتحدة «الفعال» في تسهيل المباحثات السياسية، معربة عن تطلعها إلى إعلان المنظمة لموعد المباحثات في المستقبل القريب.
بدوره، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغريك، إن مكتب المبعوث الأممي السابق إلى اليمن، جمال بن عمر، لا يزال هو المعني بمتابعة تطورات الأوضاع في هذا البلد، وأنه سيتم الإعلان عن المبعوث الجديد «بمجرد الاتفاق على بعض الأمور».
في السياق، نقلت «نيويورك تايمز» أمس عن مسؤولين أميركيين قولهم إن إعلان وقف «عاصفة الحزم» أتى بناءً على ضغوط من الإدارة الأميركية على السعوديين و«دول سنية» أخرى، من أجل إنهاء القصف. وأشار كاتبا التقرير، كريم فهمي ومارك مازيتي، إلى أن عمليات القصف التي تلقت دعماً لوجستياً واستخباراتياً من الولايات المتحدة، أثارت انتقادات لتسببها بمقتل مدنيين، وظهورها على أنها غير مرتبطة باستراتيجية عسكرية واسعة. ورغم إعلان بيان وزارة الدفاع السعودية أن «الحملة حققت أهدافها»، ذكر الكاتبان أنه «ليس واضحاً تماماً إلى أي مدى أسهمت الضربات الجوية في التقدم باتجاه الأهداف السعودية المعلنة عن إعادة الحكومة اليمنية التي سقطت منذ عدة أسابيع، في الوقت الذي سيطر فيه الحوثيون على العاصمة صنعاء». وأضاف التقرير أن «أسابيع من القتال في اليمن ــ الذي كان يعاني مسبقاً من غياب سلطة مركزية ــ قد خلّفت نحو ألف قتيل وفتحت المجال أمام فرع القاعدة هناك للتوسع»، لكنها أيضاً كانت تهدّد بحدوث مواجهة عسكرية محتملة بين الولايات المتحدة وإيران، في وقتٍ تواصل فيه الدول مفاوضات صعبة ودقيقة، «يأملان أن تفضي إلى اتفاق نهائي بشأن الملف النووي، في نهاية حزيران».
ورأت الصحيفة أنّ «من الممكن أن يكمل السعوديون في تدخلهم بوسائل أخرى، من ضمنها زيادة دعمهم للجماعات التي تقاتل الحوثيين وحلفاءهم، الخيار الذي طالما حبذته السعودية». في هذا الإطار، نقلت عن دبلوماسي عمل سابقاً في اليمن قوله إنه «لم يتم إضعاف أحد بشكل جدي»، مضيفاً أن «السعوديين سيأخذون استراحة من قصف صنعاء، ولكن سيكملون».
أما «لوس انجلوس تايمز» فقالت: «يشعر مسؤولون أميركيون كبار، من الذين لم يتحمسوا لخطة الحرب السعودية، بالاستياء على نحو متزايد جراء العدد الكبير للضحايا المدنيين ويعتقدون الآن أنّ من المستبعد جداً إعادة هادي إلى السلطة من دون غزو بري». وهم يشعرون بالقلق أيضاً من احتمال استفادة تنظيم «القاعدة» من الاضطرابات لتوسيع مناطق امتداده. وبحسب الصحيفة الاميركية، قال مسؤول كبير في الادارة الاميركية، إن البيت الابيض يود أن تحدّ السعودية وحلفاؤها من ضرباتهم الجوية وأن يحصروا الهدف بالتركيز على حماية الحدود السعودية. كذلك، قال النائب آدم شيف، كبير الديموقراطيين في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، إن الإدارة تحاول العمل مع الحكومة السعودية «لتأطير هدف قابل للتحقق». وقال شيف في مقابلة هاتفية: «هناك محاولة لإطلاع السعوديين على جميع تفاصيل هذه العملية، واخبارهم أن هناك حدوداً لما يمكنك إنجازه عن طريق الجو».
ميدانياً، استمرّ يوم أمس، القصف الجوي على المحافظات الجنوبية والمدفعي على المناطق الحدودية، في وقتٍ تمكنت فيه قوات الجيش والأمن و«اللجان الشعبية» في محافظة مأرب من دحر عناصر «القاعدة» من معظم مواقعهم التي كانوا يتمركزون فيها على مشارف منطقة الجدعان.
ونفذت الطائرات الحربية 12 ضربة جوية على الأقل، بينها غارات على لحج والضالع. كذلك، شهدت مدينة تعز قصفاً جوياً، واستهدفت غارة معسكر «اللواء 35» الذي تمكن الجيش و«اللجان الشعبية» من استعادة السيطرة عليه يوم أمس. وتعرض محافظة صعدة لقصف من الحدود السعودية، وقالت قناة «المسيرة» إن مناطق المنازلة والملاحيط الحدوديتين استهدفتا بـ 5 قذائق هاون وقصف بالرشاشات.
(صحيفة الأخبار اللبنانية)