الجنوب اليمني بين فكي الاحتلال السعودي الاماراتي (2-3)
متابعات | تقارير | البديل المصرية
ادوات الصراع تتحرك على الارض .. اقليم ام اقليمين
صراع المشروعين .. هادي والمجلس الانتقالي :
الصراع السعودي الاماراتي يضع الجنوبيين بين فكي كماشة ، وبحسب مراقبين فان المشروعين متصادمان وينعكس صدامهما على الواقع السياسي والامني المتوتر في الاساس ، فالامارات تقف خلف المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يرأسه عيدروس الزبيدي منذ تأسيسه على خلفية قرار عزله من محافظة عدن من قبل الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي في مايو الماضي بضوء اخضر سعودي في محاولة لسحب بساط السيطرة من تحت الامارات ، وفي المقابل تقف السعودية خلف قرارات هادي التي بحسب مصادر سياسية جنوبية تستهدف النفوذ الاماراتي عبر اقالة محسوبين على المجلس الانتقالي الجنوبي من مناصب رفيعة اخرها اقالة محافظين .
وفي سياق حديثه للبديل يرى القيادي في المجلس السياسي لانصارالله والمتخصص في الشأن الجنوبي فضل ابوطالب ان الإدارة الأمريكية تركت هامشاً للصراع بين السعودية والإمارات وأدواتهما في المحافظات الجنوبية مستغلة عددا من العوامل الميدانية والتاريخية والسياسية والمناطقية اضافة الى استثمار رغبة السعودية في تعزيز حضورها هناك بعد إخفاقها في تحقيق أي تقدم ملموس في المحافظات الشمالية ، ابو طالب يعتقد ان عدن (وهي العاصمة المؤقتة لما يسمى بالشرعية) خاضعة لسيطرة الأطراف المحسوبة على الإمارات وهم الحراك والسلفيون إلى المستوى الذي لا يستطيع معه هادي وحكومته المواليين للسعودية من الاستقرار فيها .
الامارات كما يبدو من خلال دعم المجلس وقيادته، يصب في صالح مشروع الانفصال الجنوبي او في احسن الحالات يصب في صالح مشروع الاقليمين في اليمن ، بينما ترى المملكة العربية السعودية ان ذلك المشروع يقوض من شرعية هادي وحكومته التي تتكيء على مرجعيات دولية كلها تؤيد وحدة اليمن وسلامة اراضية ، وترى السعودية ان مشروع الستة الاقاليم هو الذي يناسب بقاء هادي وحكومته داخل قالب الشرعية الذي يبرر للتحالف البقاء في اليمن سيما وان حكومة هادي تقتضي بقاء التحالفات بين قوى شمالية مثل حزب الاصلاح والحزب الاشتراكي والناصري وغيرهما من القوى التي يرفضها الجنوبيون ويتحفظ على بعضها الاماراتيون .
وتعليقا على هذه الجزئية يقول الباحث اليمني المتخصص في الشأن الجنوبي زيد الغرسي في حديثه للبديل ” استطيع القول إن الامارات تسيطر على الوضع الميداني بشكل اكبر من السعودية لا سيما في عدن ومحافظة لحج والضالع معقل انصار عيدروس الزبيدي وكان لها سيطرة كبيرة قبل اقالة عيدروس الزبيدي من منصب محافظ عدن ” ، ويعتبر الغرسي اعادة الامارات للزبيدي الى عدن تحت مظلة المجلس الانتقالي ” خطوة لاعادة سيطرتها على مقاليد الامور في الجنوب لا سيما ولا زالت مليشياتها تمنع المحافظ الجديد المحسوب على هادي من ممارسة عمله ” حسب اعتقاده .
اقليمين ام اقاليم .. محور اختلاف بين الاطراف :
يرجح محللون و سياسيون ان مشروع الاقليمين هو الاكثر قبولا في الشارع الجنوبي وهو ما تدعمه الامارات من خلال المجلس الانتقالي وقيادته التي يستهدفها هادي بقراراته ، معتبرين اللقاء الذي عقده الزبيدي بالسفير البريطاني الاسبوع الماضي في العاصمة الاماراتية ابوظبي يعد اشارة دولية في اتجاه دعم الاقليمين ، وهو ما ينسجم ايضا مع تسريب خارطة التقسيم للشرق الاوسط الجديد التي نشرتها صحيفة النيويورك تايمز الامريكية الاسبوع الماضي والتي ظهرت فيها اليمن مقسمة الى اقليمين ، الامر الذي قد يكون مؤشرا على تغير المزاج الدولي بخصوص مشروع التقسيم في اليمن من ستة اقاليم الى اقليمين فقط ، وهي قراءة قد تكون السبب الذي دفع هادي للاسراع في اقالة المحافظين الثلاثة الذين يؤيديون المجلس الانتقالي في محاولة لاستباق الاحداث ، ويفسر جانبا من الصراع السعودي الاماراتي المحتدم على ارض الجنوب اليمني .
وحول هذه الجزئية ، يرى السياسي والباحث فضل ابوطالب في حديثه للبديل ان العدوان الذي تشنه دول التحالف العربي وفي مقدمتها السعودية والإمارات على الشعب اليمني يأتي في أهم أولوياته فرض الستة الأقاليم تحقيقا للمشروع الأمريكي ، وفي رده على سؤال حول دلالة لقاء السفير البريطاني برئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي ومباركته للمجلس اشار ابو طالب الى ذلك يوحي بشكل واضح بالمساندة الأمريكية لهذا المجلس باعتبار بريطانيا تعبر عن وجه نظر أمريكية عندما تكون أمريكا نفسها محرجة من اعلان موقفها أن هذه الخطوة تؤكد وقوف ومساندة الإدارة الأمريكية لكل أطراف الصراع في المحافظات الجنوبية كضمانة على استمرار وتطويل أمد الصراع بين تلك الأطراف ، لكنه يرجح ان مشروع الستة الاقاليم هو المشروع الأساسي الذي تتبناه الإدارة الأمريكية في اليمن ، ويستدرك بالقول ” لكن في حال تعذر تطبيقه نتيجة رفض القوى الوطنية في الشمال وصمودهم أمام هذا العدوان وكذا نتيجة رفض المجلس الانتقالي الجنوبي وأغلبية أبناء الجنوب له فقد تلجأ الإدارة الأمريكية إلى خيار بديل وهو فصل الجنوب عن الشمال كأقل مكسب يمكن تحقيقه ”
اما الباحث زيد الغرسي وفي سياق حديثه للبديل فلديه رؤية مختلفة ، حيث يقول ان بريطانيا هي اول من باركت انشاء المجلس الانتقالي في خطوة تهدف الى تقسيم اليمن وفرض امر واقع من قبل دول العدوان عبر عدة خطوات بدايتها باعلان اقليمين جنوبي وشمالي ثم اعلان الجنوب الى عدة اقاليم منها اقليم حضرموت الذي يجري التحضير له حاليا ثم اقليم عدن وهكذا ولا اعتقد إن تقسيم اليمن سيتوقف عند اقليمين فمشروع دول العدوان هو تقسيم اليمن الى ستة اقاليم كما اعلنوا عن ذلك وكانوا قد حاولوا فرضه في مؤتمر الحوار الوطني لكن انصار الله وقفوا ضد مشروع تقسيم اليمن
اما عن لقاء الزبيدي بالسفير البريطاني مؤخرا فيرى الغرسي انه جاء بعد تصعيد المجلس الانتقالي ضد السعودية وهادي في رفض قرارات هادي الاخيرة وطلب السفير البريطاني من الزبيدي القبول بالقرارات وعدم التصعيد العسكري وعدم موافقته على أي اجراءات عسكرية قد يقوم بها المجلس الانتقالي واستطيع القول إن اللقاء جاء للضغط على الزبيدي لمصلحة السعودية.
بحاح وبن دغر .. اوراق باردة تتحرك على الارض :
وفيما تشهد عدن اشتباكات مسلحة وقطع طرق من قبل فصائل متباينة تتبع الموالين للسعودية والاصلاح وهادي من جهة واخرين موالين للامارات والحزام الامني والملجلس الانتقالي ، فان ملامح التسابق الاماراتي السعودي على كسب الجنوبيين تظهر في تحريك الموالين على الارض ، وفي الوقت الذي ارسلت الامارات رئيس الوزراء السابق خالد بحاح الى حضرموت وفتحت له مطار الريان المغلق منذ عامين وحضي باستقبال رسمي وشعبي واسع في تحرك اقلق هادي وحكومته ، ارسلت السعودية حليفها رئيس الحكومة الحالية احمد عبيد بن دغر ليطلق تصريحات وسطية تدعو الى وقف الصراعات وتحكيم العقل ، وعدم اتاحة الفرصة لمن اسماهم الانقلابيين للاستفادة من الصراع .
غير ان الباحث اليمني زيد الغرسي يعتقد ان عودة بحاح جاءت بموافقة سعودية حيث تمت المقايضة بين السعودية والامارات فقبلت الامارات بالتخلي عن الثلاثة المحافظين مقابل موافقة السعودية إعادة بحاح واعتقد إن بحاح جاء بدور مرسوم له ليس على مستوى الجنوب فقط بل على مستوى اليمن حيث ترى دول التحالف انه رجل المرحلة المقبلة في اليمن ويحظى بدعم امريكي كبير.
وبالمقابل ، هاجم “المجلس الانتقالي” في بيان اجتماعه امس رئيس حكومة هادي أحمد بن دغر، على خلفية اتهامات الاخير له بالولاء لايران ، الهجوم الذي شنه المجلس ، جاء في سياق الرد على تحذيرات اطلقها بن دغر وصف فيها مايجري بالجنوب بـ “الصراع الغبي”، معتبرا أن مثل هذا الصراع سيسهل عودة الجيش اليمني للسيطرة على المدينة، في اشارة الى الجيش واللجان الشعبية التي انسحبت من الجنوب منتصف العام 2015م، وهو ما دفع المجلس الانتقالي للقول في سياق رده الذي وصف بانه شديد اللهجة بان بن دغر ينتهج سلوكا سلبيا تجاه الجنوب ، ويسوق للجيش واللجان الشعبية .
رئيس حكومة هادي حذر مما وصفه ” صراع خطير يغذيه الحوثيون وصالح «بين طرفي الصراع التقليديين»، في إشارة إلى عودة صراع «الزمرة» و«الطغمة»، الذي حدث في ثمانينيات القرن الماضي بعدن، مخاطبا المجلس الذي يحضر لفعالية 7/7 بقوله ” رشدوا برامجكم يوم الجمعة القادمة، وامنعوا الطائشين من استفزاز الآخرين، احفظوا الدماء”، وبخصوص الخلافات بين المجلس والرئيس المستقيل هادي اضاف بن دغر بالقول ” كلما حاولتم أضعاف الشرعية في عدن، أو النيل من الرئيس المنتخب، كلما مهدتم الطريق لعودة الحوثيين وصالح منتصرين ، محذرا من ان من اسماهم ” مسلحي جماعة الحوثيين وقوات صالح على بعد مئة وخمسين كيلومتر من عدن “