«المؤتمر» يجتاز الصدمة: معركة «الخلافة» انتهت؟
أثار اجتماع اللجنة العامة لحزب «المؤتمر الشعبي العام»، يوم الأحد 7 يناير الحالي، في صنعاء، ردود فعل صاخبة، وانقسامات لافتة داخل «المؤتمر» وخارجه، بين مؤيد لمخرجات الاجتماع وغاضب منها، من جهة، ومهاجم لأعضاء اللجنة العامة الحاضرين في الاجتماع ومناصرٍ لهم، من جهة ثانية.
إجتماع «عامّة المؤتمر» في صنعاء، جاء في ظل ظروف سياسية وأمنية بالغة التعقيد، وبعد أكثر من 30 يوماً على مقتل الرئيس السابق، رئيس «المؤتمر» علي عبدالله صالح، والذي أقرت اللجنة العامة، تكليف صادق أمين أبو راس، وهو نائب رئيس «المؤتمر»، رئيساً للحزب خلفاً لصالح، وذلك حتى انعقاد المؤتمر العام.
وفيما تصاعدت ردود الفعل الناتجة عن تكليف أبو راس، سارع ما بات يسمى بـ«مؤتمر الخارج»، إلى إصدار بيان مماثل للبيان الصادر عن اجتماع اللجنة العامة لـ«المؤتمر»، دعا فيه إلى الالتفاف إلى جانب الرئيس هادي، باعتباره الرئيس الشرعي للحزب، وتوالى أكثر من بيان، منها باسم الأقاليم، وأخرى باسم المحافظات والمديريات، تطالب جميعها هادي بالقيام بدوره كرئيس لـ«المؤتمر»، بناءً على المؤتمر العام السابع للحزب، الذي عقد في منتصف العام 2005 في مدينة عدن، والاستعانة بمن يراه، لتسيير أعمال «المؤتمر» حتى انعقاد المؤتمر العام الثامن.
الأجنحة
يتمثل الجناح الأول في الداخل، بصادق أمين أبو رأس، ورئيس مجلس النواب، يحيى علي الراعي، والأمين العام المساعد، ياسر العواضي، والأمينة العامة المساعدة، السيدة فائقة السيد، ورئيس الدائرة الإعلامية، طارق الشامي، ومحافظ تعز حالياً، عبده الجندي، وعلي أبو حليقة، يضاف إليهم عدد من المسؤولين المتواجدين في الداخل، والذين يُعدون من الرعيل الأول لحزب «المؤتمر»، ويشغلون مناصب قيادية فيه منذ سنوات، وذلك برغم تفاوت مواقفهم واصطفافاتهم.
أما جناج «المؤتمر» في الخارج، وخصوصاً في المملكة العربية السعودية، فيمثله النائبان السابقان لرئيس «المؤتمر»، الرئيس عبدربه منصور هادي، ورئيس حكومته، أحمد عبيد بن دغر، الذي عينه صالح بديلاً من هادي، نائباً لرئيس «المؤتمر»، وذلك رداً على استبعاد هادي ترشيح بن دغر رئيساً لحكومة التكنوقراط، أواخر العام 2014، قبل أن تقيله اللجنة العامة جراء محاولته ترشيح الرئيس هادي رئيساً للحزب، في ما يسمى بـ«مؤتمر القاهرة» خلال الربع الثاني من العام 2015.
جناح بن دغر وهادي، يضم أيضاً رشاد العليمي، وعبد الكريم الإرياني، قبل وفاته، يضاف إليهم، محمد بن ناجي الشائف، ووزير الخدمة المدنية حالياً في حكومة هادي، ونائب رئيس الحكومة، عبد العزيز جباري.
وبعد مقتل صالح في الرابع من ديسمبر الماضي، انضم إلى هذا التيار، الجنرال علي محسن الأحمر، الذي أقيل من موقعه كعضو للجنة العامة في صيف العام 2011، بقرار من اللجنة العامة حينذاك، بسبب خروجه على صالح وانضمامه إلى ثورة فبراير.
وعلى الرغم من الموقف الغامض لأمين عام مساعد «المؤتمر»، سلطان البركاني إلا أن مصادر أفادت بأن الأخير بات أحد أبرز اللاعبين في «مؤتمر الخارج»، لكنه لا يميل لتولي الرئيس هادي رئاسة «المؤتمر»، ووفقاً للمصادر ذاتها، يقود البركاني «جناح ثالث»، يضم وزير الخارجية الأسبق، أبو بكر القربي، وعادل الشجاع وآخرين، ويتخذون من القاهرة مقراً لهم.
قنوات «اليمن اليوم»
تعدد أجنجة الحزب، كشفها تعدد القنوات الفضائية الناطقة باسم حزب «المؤتمر». ففي الرياض، دُشنت قناة تحمل اسم قناة «اليمن اليوم»، وأخرى تحمل ذات الإسم، بالإضافة إلى وجود قناة «اليمن اليوم» ثالثة تبث من العاصمة صنعاء، ولا تزال مع «أنصار الله»، وحتى الآن، لم تتم إعادتها لحزب «المؤتمر». وعلم «العربي» من مصادر في قناة «اليمن اليوم» في صنعاء، أن «أنصار الله» بدأت بتشغيل القناة، وإعادة بعض العاملين فيها إلى أعمالهم، في ظل وجود استقطاب كبير من قبل «مؤتمر القاهرة»، الذي يحاول سحب الطاقم الإعلامي للقناة من صنعاء بدعم إماراتي، ووفق المصدر، فإن مدير عام الأخبار في القناة، وعدد من مذيعيها، وصلوا القاهرة، بينما آخرون تمكنوا من الوصول إلى محافظات مأرب وعدن خلال الفترة الماضية، إلا أن سفرهم للإمارات تعثر، بسبب تعرضهم للاستقطاب من قبل حكومة أحمد عبيد بن دغر، التي عرضت على عدد من العاملين، العمل في النسخة الخاصة بها، والتي دشنتها بتردد جديد في العاصمة السعودية الرياض.
قيادة جماعية خلفاً للزوكا
وخلفاً للأمين العام، عارف الزوكا، الذي قُتل برفقة صالح في مواجهات 2 ديسمبر2017، أقرت اللجنة العامة، تشكيل قيادة جماعية مكونة من الأمناء العامين المساعدين: يحيى الراعي، ياسر العواضي، فائقة السيد، نجيب العجي، رئيس هيئة الرقابة التنظيمية، «على أن يشكلوا مع المكلف برئاسة المؤتمر الشعبي العام، قيادة تنفيذية جماعية لهذه المرحلة».
ضغوط دولية
وفيما كانت الضغوط الخارجية على قيادة «المؤتمر» في صنعاء، لتحديد موقفها من المستجدات، لإعلان فض الشراكة مع «أنصار الله» صراحةً في البيان الصادر عن الاجتماع، بحسب مصادر سياسية في قيادة «المؤتمر» تحدثت إلى «العربي»، جاء بيان «المؤتمر» مثيراً لغضب بعض الأعضاء، معلناً استمرار التحالف مع «أنصار الله» في مواجهة «العدوان»، دونما إشارة إلى قضية الشراكة مع الحركة في حكومة الإنقاذ والمجلس السياسي الأعلى.
ومن ردود الفعل المحلية، عبّر الأمين العام المساعد لـ«المؤتمر»، ياسر العوضي، في صفحته على «تويتر»، عن موقفه الذي سبق وأعلن عنه مسبقاً في صنعاء، وهو دعوته إلى «الالتفاف حول الشيخ صادق أمين أبو راس»، وتأكيده أن حزب «المؤتمر»، لن يكون «مطية لأحد ولا غطاءً لأحد»، إلا أنه انتقد «استعجال قيادات المؤتمر بعقد اجتماع اللجنة العامة في صنعاء»، مؤكداً أنه «لن يعترف بأي بيان لا يعلن بشكل صريح فض الشراكة مع أنصار الله».
دعوات العواضي لفض الشراكة مع «أنصار الله»، لم تكن رأياً منفرداً لأمين عام «المؤتمر» المساعد، بل باتت مطلب جناح بدأ يتشكل في العاصمة صنعاء، ويدعو لانتقال الحزب من الشراكة في السلطة إلى المعارضة. وفي هذا الشأن، علم «العربي» من مصادر مقربة من حزب «المؤتمر»، أن هناك ضغوطاً تمارس على قيادة «مؤتمر الداخل»، لفض الشراكة مع «أنصار الله»، والتمسك بخيار رفض الحرب، بالتزامن مع خيار المعارضة السلمية، حتى يبقى متماسكاً وغير قابل للاهتزاز والإنشقاق أيضاً، إلا أن هناك مخاوف كبيرة، من أن تتسبب عودة «المؤتمر» للمعارضة، إلى فقدان الحزب لقواعده الكبيرة، وخصوصاً قواعده في مؤسسات وأجهزة الدولة، التي تسيطر على 70% من إجمالي وظائف الدولة.
تشكيك قانوني وهجوم مؤتمري
وخلافاً للأوساط المؤتمرية في الداخل، التي أبدت ملاحظات على مخرجات اجتماع اللجنة العامة، غير خافية ارتياحها من الاجتماع وقراراته بشكل عام، ذهبت قيادات مؤتمرية في الخارج، إلى التشكيك في قانونية الاجتماع، ومهاجمة أعضاء اللجنة العامة، وبلغة حادة، فالقيادي في «المؤتمر» وعضو اللجنة العامة، عادل الشجاع، يرى أن المجتمعين من اللجنة العامة تجاوزوا دورهم، وفي حديثه إلى «العربي»، يرى الشجاع، أن اختيار رئيس الحزب والأمين العام، ليس من صلاحيات اللجنة العامة، بل من صلاحية المؤتمر العام، أو اللجنة الدائمة إذا تعذر إنعقاد المؤتمر العام، وأضاف «ثانياً، عدد الحاضرين من اللجنة العامة 24 من أصل 74»، وانتقد إعلان اللجنة العامة استمرار الشراكة مع «أنصار الله»، والتي يعتقد الشجاع «أن رئيس المؤتمر والأمين العام دفع حياتهما ثمناً لفكها»، واعتبر عضو اللجنة العامة لـ«المؤتمر»، عادل الشجاع، إن «اجتماع الأحد، كان تحت التهديد بالسلاح والتهديد بنسف بيوتهم على رؤوس ساكنيها».
الخروج من الصدمة
في المقابل، يرى الكاتب الصحافي محمد عايش، في اجتماع اللجنة العامة لـ«المؤتمر»، أول مؤشر لتعافي «المؤتمر» والخروج من تعقيدات الأزمة والصدمة، في إشارة إلى مقتل رئيس وأمين عام «المؤتمر». ويرى عايش فيما حدث لـ«المؤتمر»، أنه «ضربة كارثية يمكن أن تقضي على أي حزب بمثل ظروفه»، وأن التعافي من آثار الضربة، يتطلب شجاعة وجسارة، وحكمة وحنكة غير هينة، تساعده خصوصاً على احتمال الضغوط الاستقطابية الهائلة وتجاوزها، كما على ضغوط جماهيره المدفوعة بالعاطفة والألم، ولذلك يعتبر عايش أن «من اجتمعوا اليوم من قيادات المؤتمر الشعبي شجعان بشكل حقيقي»، داعياً في هذا الصدد «كل مؤتمري إلى دعم قيادة، وخيارات صادق أمين أبو راس وزملائه».
بيان اللجنة العامة
ودعا بيان اللجنة العامة، إلى حماية صفوف الجبهة الداخلية، كما دعا الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمنظمات الدولية، إلى «تحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية والإنسانية تجاه الشعب اليمني، وما يتعرّض له من جرائم قتل وإبادة جماعية، وذلك من خلال إصدار قرار دولي ملزم بإيقاف العدوان ورفع الحصار»، وفيما اعتُبر انتقاداً ضمنياً لأداء «أنصار الله»، شدد بيان عامة «المؤتمر» على أهمية «تفعيل مؤسسات الدولة والإلتزام بالدستور والقانون، وتطبيق الأنظمة واللوائح المنظمة للتعيينات الإدارية والعسكرية والأمنية، وعلى تفعيل دور القضاء والنيابة في مختلف الإجراءات الأمنية والقضائية، من دون انتقائية، بما يكفل تحقيق العدل بين المواطنين»، ولم يغفل البيان تجديد دعواته «لمصالحة وطنية شاملة»، والتأكيد على أن «المؤتمر تنظيم سياسي مدني، وليس لديه ميليشيات أو أجنحة عسكرية».
ترميم داخلي
من جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي، عبد الوهاب الشرفي، اجتماع ومخرجات عامة «المؤتمر»، «خطوة موفقة»، مضيفاً أنه «يمكن القول، إنه الموقف المتاح، من دون إفراط ولا تفريط»، ووصف الاجتماع بأنه بمثابة «ترميم الوضع التنظيمي للمؤتمر، ووضعه على بداية الطريق من جديد، بما ينسجم مع ميثاقه الوطني، ومع مساره الذي ميزه منذ بداية العدوان عن مؤتمريي الرياض». وفي حديثه إلى «العربي»، دعا الشرفي أعضاء «المؤتمر»، إلى الالتفاف حول أبو راس وزملائه، وإسنادهم «حتى يتمكن المؤتمر من مجاوزة المحنة التي وجد نفسه فيها».
ما هي اللجنة العامة؟
وبحسب النظام الداخلي لـ«المؤتمر»، فاللجنة العامة هي القيادة السياسية والتنظيمية للحزب، وقراراتها ملزمة لكافة فروع «المؤتمر» وتكويناته، ما لم تلغ أو تعدل من قبل اللجنة الدائمة. وتتكون اللجنة العامة من أعضاء بحكم مواقعهم القيادية وهم: رئيس، ونائبا رئيس «المؤتمر»، الأمين العام، رئيس هيئة الرقابة، الأمناء المساعدون، شاغلي أعلى موقع في هيئة رئاسة النواب والوزراء من «المؤتمر»، رؤساء الهيئات الوزارية والنيابية والشوروية للمؤتمر، وأعضاء تنتخبهم اللجنة الدائمة من بين أعضائها (عن كل محافظة عضو واحد).